سليمان عن ثابت قال: حدثتني شميسة- أو سمية؛ قال عبد الرزاق: هو في
كتابي سمينة- عن صفية بنت حُيَيٍّ:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج بنسائه، فلما كان في بعض الطريق؛ نزل رجل فساق بهن فأسرع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره، فبينما هم يسيرون؛ بَرَكَ بصفية بنت حيي جملُها، وكانت من أحسنهن ظهراً، فبكت، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أُخبر
بذلك، فجعل يمسح دموعها بيده، وجعلت تزداد بكاء وهو ينهاها، فلما أكثرت زَبَرَها وانتهرها، وأمر الناس بالنزول فنزلوا، ولم يكن يريد أن ينزل، قالت: فنزلوا، وكان يومي، فلما نزلوا ضرب خباء النبي - صلى الله عليه وسلم - ودخل فيه، قالت: فلم أدرِ عَلامَ أهجم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخشيت أن يكون في نفسه شيء مني! قالت: فانطلقت إلى عائشة فقلت لها: تعلمين أني لم أكن أبيع يومي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء أبداً، وإني قد وهبت يومي لك على أن تُرْضِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عني! قالت: نعم، قالت: فأخذت عائشة خماراً لها قد ثردته بزعفران، فرشته بالماء ليذكى ريحه، ثم لبست ثيابها، ثم انطلقت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرفعت طرف الخباء، فقال لها:
"ما لك يا عائشة؟! إن هذا ليس بيومك ".
قالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فقال مع أهله.
فلما كان عند الرواح؛ قال لزينب بنت جحش:
"يا زينب! أفقري أختك صفية جملاً".
وكانت من أكثرهن ظهراً، فقالت: أنا أفقر يهوديتك! فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سمع ذلك منها، فهجرها فلم يكلمها حتى قدم مكة وأيام منى في سفره،
حتى رجع إلى المدينة؛ والمحرم وصفر، فلم يأتها، ولم يَقْسِم لها، ويئست منه.