السواد؛ إلا في الثلاثة أيام، وهذا هو اختيار الإمام ابن جرير، قال- رحمه الله:
"فإنه غير دالٍّ على أن لا إحداد على المرأة، بل إنما دلَّ على أمر النبي إياها
بالتسلب ثلاثاً، ثم العمل بما بدالها من لبس ما شاءت من الثياب مما يجوز
للمعتدة لبسه؛ مما لم يكن زينة ولا طيباً؛ لأنه قد يكون من الثياب ما ليس بزينة ولا ثياب تسلُّب، وذلك كالذي أذن - صلى الله عليه وسلم - للمتوفى عنها أن تلبس من ثياب
العصب وبرود اليمن؛ فإن ذلك لا من ثياب زينة، ولا من ثياب تسلُّب ".
قلت: وهذا هو العلم والفقه والجمع بين الأحاديث، فعضَّ عليه بالنواجذ.
والله هو الموفق لا رب سواه.
(تنبيه) : إن من أعجب وأغرب التحريفات التي مرَّت بي في حياتي العلمية
- وقد دخلت في الثمانين من عمري- ما أصاب هذا الحديث في لفظ (تسلَّبي) :
فقد وقع فى"الموارد"(٧٤٥) : "سلَّمي "وكذلك وقع في أصله"صحيح ابن حبان "(٣١٣٨ - دار الكتب- بيروت) ! وفي طبعة المؤسسة (٣١٤٨)"تسلَّمي "، وكذا في "طبقات ابن سعد"(٨/٢٨٢) !
وفي "شرح المعاني "، و"المعجم الكبير": "تسكني "!
وفي "سنن البيهقي ": "تسلبني "، وفي "المعرفة ": "لا تسلني " بدون الباء الموجودة، ولكني أظن أنه خطأ مطبعي؛ لأن المعلق عليه أفاد أن الفرق بين كتابي البيهقي"السنن"و"الآثار"إنما هو زيادة حرف (لا) النافية، وقال:"كذا في المخطوطة " يعني أن فيها: "لا تسلبني "!
وقد نبَّه الحافظ- رحمه الله- في "الفتح "(٩/٤٤٨) على خطأ ابن حبان، وجزم بأن الصواب ما أثبتُّه أعلاه. ثم قال: