بل إن هذا الحديث ليدل على ضعفه، فإنه قد خلط في هذا
الحديث وأفسد معناه، فإن المعروف في حديث غيره توزيع هذه المنازل الثلاث،
على ثلاثة أشخاص، وفي ذلك أحاديث عن أبي أمامة وأنس بن مالك وقد اتفقا على
أن البيت الذي في أعلى الجنة لمن حسن خلقه، على خلاف هذا، فإنه جعل له البيت
الذي في أسفلها، هذا إن اعتبرنا الترتيب المذكور فيه من قبيل لف ونشر مرتب.
ثم اختلف الحديثان المشار إليهما في البيتين الآخرين فحديث أبي أمامة جعل البيت
في ربض الجنة لمن ترك المراء وهو محق، والبيت في وسطها لمن ترك الكذب،
وعكس ذلك حديث أنس، فأردنا أن نرجح أحدهما على الآخر بشاهد، فلم نجد أصلح من
هذا إسنادا، وقد علمت ما في متنه من الفساد في المعنى.
نعم وجدنا حديثا آخر يصلح شاهدا لحديث أبي أمامة، وهو ما أخرجه الطبراني في
" المعجم الصغير " (ص ١٦٦) وفي المعجمين الآخرين من طريق محمد بن الحصين
القصاص، حدثنا عيسى بن شعيب عن روح بن القاسم عن زيد بن أسلم عن مالك بن عامر
عن معاذ بن جبل مرفوعا بلفظ:
" أنا زعيم ببيت في ربض الجنة، وبيت في وسط الجنة، وبيت في أعلى الجنة لمن
ترك المراء وإن كان محقا، وترك الكذب وإن كان مازحا، وحسن خلقه ".
وقال الطبراني:
" لم يروه عن روح إلا عيسى تفرد به ابن الحصين ".
قلت: ولم أجد من ترجمه.
وعيسى بن شعيب وهو النحوي قال الحافظ في " التقريب ".
" صدوق له أوهام ".
وقال الهيثمي في " المجمع " (٨ / ٢٣) :
" رواه الطبراني في الثلاثة والبزار، وفي إسناد الطبراني محمد بن الحصين