أفصح عنه في مقدمة"ضعفائه "(ص ٨١) : "أن منهم المبتدع إذا كان داعية إلى
بدعته ".
وهي مسألة طالما اختلفت فيها أقوال العلماء، كما هو مبسوط في "علم المصطلح "، والذي تحرر عندي فيها- ورأيت فحول العلماء عليها-: أن المبتدع إذا ثبتت عدالته وضبطه وثقته؛ فحديثه مقبول ما لم تكن بدعته مكفرة، ولم يكن حديثه مقوياً لبدعته، والى هذا مال الحافظ في "شرح النخبة" تبعاً للعلامة المحقق ابن دقيق العيد، وقد حكى كلامه في "مقدمة الفتح "(ص ٣٨٥) ، وهو جيد ومهم جداً، فراجعه.
واذا عرفت هذا؛ فحديث عقبة ليس فيه ما يؤيد البدعة، وكذلك حديثنا،
إنما هو في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاوية- رضي الله عنه-، وهذا يقال فيما لو تفرد به حريز، فكيف وقد توبع من جمع كما تقدم؟!!
فلا غرابة إذن أن ذهب إلى تقويته من سبق ذكرهم من الحفاظ، ويمكن أن نُلحق بهم الحافظ ابن عساكر؛ فإنه بعد أن ساق الأحاديث المتقدمة، وغيرها مما
لا مجال بوجه لتقويتها، وروى بسنده الصحيح عن إسحاق بن راهويه أنه قال:
"لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل معاوية بن أبي سفيان شيء"؛ عقب عليه بقوله:
"وأصح ما روي في فضل معاوية حديثُ أبي حمزة عن ابن عباس أنه كان كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخرجه مسلم في "صحيحه "، وبعده حديث العرباض: "اللهم! علمه الكتاب ... "، وبعده حديث ابن أبي عميرة: "اللهم! اجعله هادياً مهدياً ... ". *