ثم رواه الطبراني (٢٩٠٩) من طريق عبد الله بن صالح: حدثني الليث:
حدثني عُقيل [عن] ابن شهاب به. وقال الهيثمي (٨/٥) :
"رواه الطبراني بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح".
وكأنه يعني الأول، والثاني كذلك عندي لولا أن عبد الله بن صالح فيه
ضعف من قبل حفظه، ولكنه ممن يستشهد به، فيزداد الحديث به قوة على قوة. واعلم أن أحاديث ابن صياد وسؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه عن (الدخان) وعجزه عن الجواب كثيرة، وبعضها في "الصحيح " و"السنن "، فانظر:"المشكاة"(٥٤٩٤) ، و"صحيح سنن أبي داود"(الملاحم) ، وليس هذا فيها، وإنما خرجته هنا لأمرين: الأول: لما فيه من الزيادة عليها من سؤاله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عما قال ابن صياد، ورده - صلى الله عليه وسلم - عليهم بقوله:"قد اختلفتم ... ".
والآخر: أنني أردت أن أذكر به أولئك الغافلين الذين ينسبون إلى الدين ما ليس منه، فيقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"اختلاف أمتي رحمة " أو: "اختلاف أصحابي لكم رحمة"، وغير ذلك مما بينت وضعه في محله، ولهذا فهم يقرون الاختلاف الشديد بين المذاهب ويتخذونه ديناً، خلافاً للكتاب والسنة كما بينه العلماء- رحمهم الله تعالى-، ويغلو بعض أولئك فيزعم أن لكل قول من تلك الأقوال المتناقضة دليلاً من السنة؛ كخروج الدم مثلاً، فيتخيلون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل مرة عنه، فأجاب بأنه ينقض الوضوء، وسئل مرة أخرى فأجاب بأنه لا ينقض! ونحو ذلك من التخيلات التي لا أصل لها في السنة، وينشدون بهذه المناسبة قول (بُوصيريِّهم) في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم -: