وهكذا؛ فالرجل ماضٍ في غيّه، والطعن في السنة والذابين عنها بمجرد عقله (الكبير!) . ولست أدري- والله- كيف يعقل هذا الرجل- إذا افترضنا فيه الإيمان والعقل-! كيف يدخل في عقله أن يكون هؤلاء الأئمة الأجلة من محدِّثين وفقهاء
- من الإمام البخاري إلى الإمام العسقلاني- على خطأ في تصحيحهم هذا
الحديث، ويكون هو وحده- صاحب العقل الكبير! - مصيباً في تضعيفه إياه ورده عليهم؟!
ثم هو لا يكتفي بهذا! بل يخادع القراء ويدلس عليهم، ويوهمهم أنه مع
الأئمة لا يخالفهم، فيقول بين يدي إنكاره لهذا الحديث وغيره كالذي قبله
(ص ٢٦) :
"لا خلاف بين المسلمين في العمل بما صحت نسبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفق
أصول الاستدلال التي وضعها الأئمة، وانتهت إليها الأمة، إنما ينشأ الخلاف حول صدق هذه النسبة أو بطلانها، وهو خلاف لا بد من حسمه، ولا بد من رفض الافتعال أو التكلف فيه، فإذا استجمع الخبر المروي شروط الصحة المقررة بين العلماء فلا معنى لرفضه، وإذا وقع خلاف محترم في توفر هذه الشروط أصبح في الأمر سعة "!
هذا كلامه، فهل تجاوب معه؟ كلا ثم كلا؛ فإن الحديث لا خلاف في صحته
بين العلماء، وله ثلاثة طرق صحيحة كما تقدم، فكيف تملص من كلامه المذكور؟! لقد دلس على القراء وأوهم أن الحديث مختلف في صحته؛ فقال (ص ٢٧) :
"وقد جادل البعض في صحته "!
ويعني: أن الحديث صار من القسم الذي فيه سعة للخلاف! فنقول له: