قلت: ومع هذا؛ فهو متابع عند الحاكم من الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي.
وقد وجدت للشطر الثاني من حديث الترجمة شاهداً موقوفاً قوياً من حديث
ابن عباس- رضي الله عنهما- قال:
"كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق؛ فاختلفوا؛ فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله: (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا) ".
أخرجه الطبري في "تفسيره "(٢/ ١٩٤) ، والحاكم (٢/٥٤٦- ٥٤٧) وقال: "صحيح على شرط البخاري ". ووافقه الدهبي.
قلت: كنت خرجت هذا الحديث من مصدر مخطوط فيما تقدم برقم (٢٦٦٨) ، ومن مصادر أخرى مطبوعة، لم يقع في بعضها الشطر الثاني من حديث الترجمة، فرأيت أن أبرزه هنا وأفرده بالتخريج، وأن أقويه بهذا الشاهد الصحيح عن ابن عباس؛ فإنه وإن كان موقوفاً رواية؛ فهو مرفوع دراية؛ فإنه في تفسير قوله تعالى:(كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين)[البقرة: ٢١٣] ، وبخاصة أنه من رواية ترجمان القرآن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-، وفيه ما يؤكد رفعه، وهو قوله:"وكذلك هي في قراءة عبد الله.. " يعني: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وفيه فائدة هامة؛ وهي أن الناس كانوا في أول عهدهم أمة واحدة على
التوحيد الخالص، ثم طرأ عليهم الشرك، خلافاً لقول بعض الفلاسفة والملاحدة؛ أن الأصل فيهم الشرك ثم طرأ عليهم التوحيد! ويبطل قولهم هذا الحديثُ وغيرهُ مما هو نصٌّ في نبوة أبيهم آدم عليه السلام، إلى أدلة أخرى كنت ذكرت بعضها في