قلت: فنسب الخلاف المذكور إلى ابن حبان، وغمزه في حفظه، وهو منه بريء، وإنما هو من (الحباب بن محمد) والد (أبي خليفة) كما تقدم بيانه. وما أوقعه في هذه الفرية إلا تغييره لإسناده دون أي مستند من نسخة أو رواية، ودون أن يشير إلى ذلك في تعليقه أدنى إشارة!! هداه الله.
وقد انتقل هذا التغيير والتبديل في الإسناد إلى كتاب آخر، ألا وهو "الموارد"(١/١٦٨- ١٦٩- طبعة المؤسسة) أيضاً، وأظن أن الفاعل واحد، أو أنه أعمى مقلد! فهو هنا قد بين ما كان في أصل "الموارد"، ومع أنه جزم بأنه خطأ- وعليه صحح إسناد "الموارد" طبق تصحيحه المزعوم إياه في "الإحسان "! - مع ذلك كله، فقد ذكر مستنده في التصحيح المذكور، فقال عقب ذكره لإسناد الأصل:
"وهو خطأ، والتصحيح من "سنن أبي داود"، انظر تخريج الحديث والتعليق عليه في (الإحسان) "!
كذا قال! ولم يبين وجه التصحيح الذي زعمه؛ لأنه لو فعل لا نفضح وانكشف جهله بهذا العلم، وذلك لأنه استلزم من مجرد رواية أبي داود الحديث عن شيخه (عبيد الله بن معاذ) ، أن يكون شيخ (أبي خليفة) أيضاً، وهذا غير لازم بداهة، وهذا نقوله على فرض أن يكون من شيوخه، لأنه يحتمل أن يكون غيره ممن رواه فعلاً عن معاذ بن معاذ، مثل (عبيد الله القواريري) ، وهو في السند الثاني من "الموارد" كما تقدم، أو (القاسم بن سلام) ، وهو الراوي لهذا الحديث عن معاذ عند البغوي في "شرح السنة"(٢/٤٢٩/٥٢٠) ، وفيه قوله:"عن أشعث بن عبد الملك ". وهذه فائدة مهمة، وهي عند الترمذي أيضاً (٦٠٠) من طريق آخر عنه، وهذا مما يؤكد وهم الهيثمي الآخر كما سبقت الإشارة إليه، ويدين المعلق المشار إليه بالجهل والغباوة والغفلة عن النتائج التي ترتبت من وراء تصحيحه