موقوفة، ولست أشك في أصحية كثير من الطرق الموقوفة، وقد ساق بعضها الطبراني في "المعجم الكبير"(٩/١٣٩- ١٤٠) ، ولكني رأيته متكلفاً في نصب التعارض بينها وبين الطرق المرفوعة من جهة، ومغالياً في ادعاء الانقطاع بين محمد بن كعب القرظي وعبد الله بن مسعود من جهة أخرى.
أما التكلف؛ فإني لا أرى أي تعارض بين المرفوعات والموقوفات حتى يصار
إلى ترجيح هذه على تلك؛ ذلك لأن الموقوف هنا في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال بمجرد الرأي كما هو ظاهر، وهذا هو ملحظ الترمذي ومن وافقه حين صححوه، وهم على علم بالطرق الموقوفة دون ريب، وكذلك الحافظ ابن منده الذي أقام جزءه على الطرق المرفوعة، وساق الطرق الكثيرة الموقوفة، فلم يعل تلك بهذه لما ذكرت.
وأما المغالاة؛ فقد تشبث في إثبات الانقطاع المزعوم بقول البخاري المتقدم:
"لا أدري حفظه أم لا؟ "! فقال:
"أراد قوله: سمعت عبد الله ".
وأقول: إن كان أراد ذلك؛ فليس إلا شكاً في السماع، وليس نفياً له، ولو صرح بالنفي؛ فغيره قد أثبته، وأعني به الترمذي، فإن تصحيحه للحديث يستلزم صحة اتصال إسناده كما هو ظاهر، بل قد صرح أبو داود بسماعه منه فقال.
"سمع من علي ومعاوية، وابن مسعود".
ومعلوم من علم الأصول أن المثبت مقدم على النافي، وهذا أمر لا يخفى عليه
إن شاء الله. ولكن لننظر كيف رد الإثبات بطرق ملتوية هزيلة: