وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، ولا يحول بيني وبين الجزم بصحته إلا أمران معروفان في ترجمة السبيعي:
أحد هما: اختلاطه، لكنا قد أمنّا هذا منه برواية الثوري عنه، فإن من المشهور أنه روى عنه قبل الاختلاط، وروايته عنه في "الصحيحين ". وقد تابعه سلام بن سليم كما تقدم، وقد أخرجا له عنه في "الصحيحين " أيضاً.
والآخر: عنعنته، فقد رمي بالتدليس، وهذا في نقدي غير وارد هنا، وذلك لما يأتي:
أولاً: أنهم قد ذكروا في ترجمة السبيعي أنه روى عن ابن عمر، وممن ذكر ذلك ابن أبي حاتم عن أبيه، فلو أن السبيعي أراد التدليس لأسقط مجاهداً من البين، ولرواه عن ابن عمر مباشرة؛ ولو أنه فعل لصدق عليه وصف التدليس هنا، وقد أشار إلى هذا ابن أبي حاتم في روايته عن أبيه في "المراسيل "(ص ٩٤) أنه قال:
"لم يسمع أبو إسحاق من ابن عمر، إنما رآه رؤية".
ثانياً: روى في "الجرح " بسند صحيح عن الطيالسي قال:
"قال رجل لشعبة: سمع أبو إسحاق من مجاهد؟ قال: ما كان يصنع بمجاهد؟! كان هو أحسن حديثاً من مجاهد، ومن الحسن، وابن سيرين ".
قلت: فهذا شعبة يكبره أن يروي عن مجاهد؛ لأنه أجل منه عنده، ومع ذلك فإنه لما احتاج إلى حديثه؛ رواه عنه وأثبته ولم يدلسه، فهذا مما يدفع عنه شبهة التدليس هنا.