"وهذا غير محفوظ عندي؛ لأن المعروف عن ابن عمر رضي الله عنه: أنه روى عن حفصة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الركعتين قبل الفجر، وقال: تلك ساعة لم أكن أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها"!
قلت: إنما يستقيم على قوله في الحديث: إنه غير محفوظ! وهذا مردود بما تقدم من الطريق الصحيح عن مجاهد عن ابن عمر، ومن الظاهر أن ابن نصر لم يقف عليها؛ وإلا لساقها ولم يعقب عليها بما تقدم منه.
ثم إنه ليس في حديث الليث الذي ساقه- فضلاً عن غيره مما لم يحط به علمه- أن ابن عمر رآه تلك المرات الكثيرة في حالة الإقامة حتى يرد عليه حديث أخته حفصة، فيمكن أن يكون ذلك والنبي - صلى الله عليه وسلم - خارج بيته في بعض المناسبات كغزوة الخندق، وهذا بالنسبة لركعتي المغرب، وأما بالنسبة لركعتي الفجر؛ فمن الثابت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدعهما سفراً ولا حضراً، ولا بد أن ابن عمر سافر معه - صلى الله عليه وسلم - كثيراً كحجة الوداع، فرآه في بعض أسفاره يصليها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وإن من جنف بعض الطلبة المغرورين الذين لم يعرفوا بعدُ قدر العلم والعلماء - على السنة الصحيحة- أن أحدهم ألف رسالة بعنوان:"نظرات في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - "؛ ضعف فيها عشرات الأحاديث الصحيحة، مقدماً فيها ما قيل في بعضها من الجرح والعلة، دون أن يدرس هل هي علة قادحة أم لا؟! ودون التفات إلى قاعدة تقوية الحديث بكثرة الطرق، ودون اعتداد بموقوفات الصحابة التي هي في حكم المرفوع، حتى وصل به الأمر إلى تضعيف حديث الاستفتاح بـ:" سبحانك اللهم وبحمدك ... .." مع وروده عن خمسة من الصحابة وغيرهم، وتعليم عمر رضي الله عنه الناس وهو يصلي بهم ويرفع صوته به يعلمهم، وهو صحيح الإسناد عنه كما اعترف هو به؛ ومع ذلك انتقده عليّ! وهذا مثال آخر بين