وأحمد (٣/١٧٨و١٨٤) ، وأبو يعلى (٧/٣٩ - ٤٠/٣٩٤٨- ٣٩٥٠) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان "(١/١٢٨ و ٢/١٥٦- ٥٧ ١) ، والبيهقي في " دلائل النبوة"(٥/٤٩٧) من طرق عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال:
جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا خير البرية! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره. وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح ".
قلت: وظاهر الحديث يدل على أمرين:
أحدهما: أن إبراهيم عليه السلام خير الخلق مطلقاً بما فيهم الملائكة.
والآخر: أنه أفضل من نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وأجاب العلماء عن هذا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك تواضعاً وهضماً لنفسه، أو أنه قال ذلك قبل أن يوحى إليه بأن الله تعالى اتخذه خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، وأنه سيد الناس يوم القيامة، آدم فمن دونه تحت لوائه - صلى الله عليه وسلم -، كما جاء في الأحاديث الصحيحة، وبهذا أجاب الطحاوي، فراجعه فإنه هام مفيد.
وأما الأمر الأول؛ فلم يتعرض له الطحاوي، فأرى- والله أعلم- أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خير البرية" من حيث إنه لا يشمل الملائكة، كقوله تعالى في سورة (البينة) : (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) بعد قوله: (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية) ، وأن المراد بـ (خير البرية) و (شر البرية) ؛ إنما هم غير الملائكة- كما يشعر بذلك السياق-؛ فإن الملائكة (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) . وقد ذكر القرطبي أنه قد استدل بقوله تعالى:(خير البرية) من فضل