رجال الستة، كما هو الشأن هنا، ولقد كان يسعهم السكوت وأن لا يتكلموا بغير علم، وبخاصة في تضعيف أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة.
ولو أنهم كانوا على شيء من المعرفة بفن التصحيح والتضعيف؛ لأمكنهم أن يصححوه بشواهده، ولا سيما أن بعضها مما قووه هم! فالشطر الأول منه قد حسنوه (٢/١٤٦/١٧٢٠/١) تقليداً منهم للمنذري! وفيه لفظة: (المها) ، وهي منكرة عندي مع ضعف إسنادها، عند الطبراني عن ابن عباس، ولذلك أوردته في "ضعيف الترغيب "، ولكنه شاهد لا بأس به لهذا الشطر.
وله شاهد من طريق أخرى عن ابن عمرو عند البيهقي أيضاً، أخرجه قبيل حديث الترجمة، وإسناده حسن على الأقل؛ إلا أن المعلقين الثلاثة جنوا عليه أيضاً (٢/١٤٧/١٧٢٢/١) فضعفوه! للسبب الذي ذكرته آنفاً.
وأما الشطر الآخر في أن الحجر الأسود من الجنة؛ فيشهد له حديث ابن عباس، وقد حسنوه أيضاً (٢/١٤٦/١٧٢٠) ، وحديث ابن عمرو الذي حسنوه بشواهده (١٧٢٢) ، وله شاهد ثالث من حديث أنس وهو مخرج في "الصحيحة" المجلد السادس، برقم (٢٦١٨) ، وهو تحت الطبع، وسيكون بين أيدي القراء قريباً إن شاء الله تعالى (١) .
ولقد كنا خرجنا حديث الترجمة فيما سبق برقم (٢٦١٩) ، ولكن بدا لنا زيادة في التحقيق والفائدة؛ فخرجته مجدداً. فاقتضى التنبيه.
بقي النظر في أن ظاهر قوله:"ما على الأرض شيء من الجنة غيره ". مخالف لما ثبت في بعض الأحاديث أنه ذكر مع الحجر:"غرس العجوة، وأواق تنزل في الفرات كل يوم من بركة الجنة"؛ كما سبق برقم (٣١١١) ، فكيف التوفيق بينهما؟