فإنهما قالا عنه:
" عن أسماء قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فجعلا الراوية هي السائلة، وخالفهما الحميدي عند البيهقي وابن أبي عمر عند
الترمذي فقالا عن سفيان بن عيينة مثل رواية الجماعة. ولا شك أنها هي المحفوظة.
ورواية الشافعي وابن عون شاذة لمخالفتها لرواية الجماعة عن هشام، ورواية
الحميدي وابن أبي عمر عن سفيان، ولذلك ضعفها النووي فأصاب، ولكنه لم يفصح
عن العلة، فأوهم ما لا يريد، ولذلك تعقبه الحافظ في " الفتح " فقال
(١ / ٢٦٤) بعد أن ذكر رواية الشافعي هذه:
" وأغرب النووي فضعف هذه الرواية بلا دليل، وهي صحيحة الإسناد لا علة لها،
ولا بعد في أن يهم الراوي اسم نفسه كما سيأتي في حديث أبي سعيد في قصة الرقية
بفاتحة الكتاب ".
وقال في " التلخيص " (١٣) :
" (تنبيه) : زعم النووي في " شرح المهذب " أن الشافعي روى في " الأم أن أسماء
هي السائلة بإسناد ضعيف. وهذا خطأ، بل إسناده في غاية الصحة، وكأن النووي
قلد في ذلك ابن الصلاح، وزعم جماعة ممن تكلم على " المهذب " أنه غلط في قوله
إن أسماء هي السائلة، وهم الغالطون ".
قلت: كلا، بل هم المصيبون، والحافظ هو الغالط، والسبب ثقته البالغة بحفظ
الشافعي وهو حري بذلك، لكن رواية الجماعة أضبط وأحفظ، ويمكن أن يقال: إن
الغلط ليس من الشافعي، بل من ابن عيينة نفسه، بدليل أنه صح عنه الروايتان،
الموافقة لرواية الجماعة، والمخالفة لها، فروى الشافعي والذي معه هذه،
وروى الحميدي والذي معه رواية الجماعة، فكانت أولى وأصح، وخلافها معلولة
بالشذوذ، ولو أن الحافظ رحمه الله جمع الروايات عن هشام كما فعلنا، لم يعترض