الشيخين، ويزيد بن هارون ليس من شيوخهما، وهذا من شرطه الذي عرفناه بالاستقراء: أن ينتهي إسناده عن شيخه ومن فوقه إلى شيخ من شيوخ الشيخين، ويكون من فوقه من رجالهما أيضاً، وإن كان هذا قد أخل به كثيراً كما هو معروف عند الحذاق بهذا الفن. على أن ما ذكرته من الشرط هو اصطلاح خاص به، اصطلح هو عليه؛ وإلا فهو لا يستقيم إلا حين يكون رجال الإسناد كلهم على شرط الشيخين، وهذا لا يمكن إلا إذا كان المسند من طبقتهما كما هو ظاهر عند العلماء، وكذلك رأيناه- في كثير مما صححه على شرطهما أو أحدهما- لا يصح إسناده إلى شيخهما!!
ثم إن الحديث- دون (جملة الجليس) - أخرجه عبد الرزاق في "المصنف "(١١/٢٩٧/٢٠٥٨٥) عن معمر عن عطاء الخراساني ... رفع الحديث فذكره نحوه.
وعطاء هذا تابعي ضعيف، قال الحافظ:
"صدوق يهم كثيراً، ويرسل، ويدلس ".
(تنبيه) : عرفت أن حديث عبد الله بن سلام موقوف عند الحاكم، وقد عزاه إليه المنذري دون قوله:"موقوف "؛ فأضفته إليه في كتابي "صحيح الترغيب والترهيب "(١/٢٠٣/٣٢٤) ؛ فإنه قال:
"رواه أحمد من رواية ابن لهيعة، ورواه الحاكم من حديث عبد الله بن سلام
دون قوله: "جليس المسجد ... " إلى آخره، وقال: "صحيح على شرطهما"!
ثم جاء المعلقون الثلاثة الذين أفسدوا الكتاب بتعليقاتهم الكثيرة الفجة! فخلطوا فيها تخليطاً عجيباً تدل الباحث على أنهم ما شموا رائحة هذا العلم؛ فضلاً عن أن يكونوا محققين فيه، وقد سبق أن ذكرنا نماذج من تخاليطهم، ومنها