للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت: وهذا الإعلال منسجم مع مذهب البخاري المعروف في اشتراطه معرفة اللقاء كشرط في الاتصال، لكن الجمهور على خلافه، فإنهم يكتفون بإمكان اللقاء لمجرد المعاصرة، وإن كان شرط البخاري أحوط، فهو شرط كمال- عندنا- وليس شرط صحة، وعلى هذا فإعلال البخاري غير وارد في هذا الحديث.

ونحوه قول أبي حاتم في "المراسيل " (ص ١٠٢) :

"لا أدري سمع الشعبي من سمرة أم لا؟ لأنه أدخل بينه وبينه رجلاً".

قلت: وهذا الشك لا ينفي الاتصال؛ لأنه ليس علماً، فلا إشكال، وإنما الإشكال في جزمه بالنفي في ترجمة الشعبي؛ كما رواه عنه ابنه في "الجرح والتعديل " (٣/٣٢٣) :

"ولم يسمع من سمرة بن جندب، وحديث شعبة عن فراس عن الشعبي: سمعت سمرة.. غلط، بينهما سمعان بن مشنج ".

قلت: وجود واسطة بينهما في بعض الروايات لا ينفي أنه سمع من سمرة؛ لاحتمال أنه سمعه منه فيما بعد، ما دامت المعاصرة متحققة، وقد ذكر ابن أبي حاتم نفسه في أول ترجمة الشعبي: أنه رأى علي بن أبي طالب. بل قال الحافظ العلائي في "جامع التحصيل في أحكام المراسيل " (ص ٢٤٨/٣٢٢) :

"روى عن علي رضي الله عنه، وذلك في "صحيح البخاري " (١) ، وهو لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء كما تقدم ".

قلت: وعلي رضي الله عنه توفي سنة (٤٠) ، وسمرة سنة (٥٨) ، فإمكان اللقاء والسماع منه متحقق، فالجزم بعدم سماعه منه لمجرد وجود الواسطة بينهما


(١) انظر "كتاب الحدود" رقم (٦٨١٢- الفتح ١٢/١١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>