كان لا يهمهم الإسناد ولا يروق لهم، لأنهم لا يفهمونه؛ فكان بحسبهم أن يستروا جهلهم وعجمتهم بأن يقتصروا على نقل قول الذهبي فقط:"وهو غريب جداً "!
الثالثة: أنه كان بإمكانهم أن لا يقعوا في ذاك الكذب؛ لو كانوا على علم بهذا الفن الشريف، وذلك بتحسينهم لإسناد الحديث كما يقتضيه علم الحديث، أو بتقليدهم لمن صحح الحديث كما تقدم ذكره، ولكنهم- مع الأسف الشديد-، لا يحسنون حتى التقليد! فكيف لهم بالعلم؟!
الرابعة: لقد وقفت اليوم على كتاب لهم جديد؛ فهم يتسابقون مع الناشرين والمؤلفين من أمثالهم في إصدار مؤلفات جديدة مزوقة؛ لعرضها في المعارض التي تقام ما بين آونة وأخرى في بلاد مختلفة. هذا الكتاب كانوا عملوا له دعاية طنانة في أواخر مجلدات طبعتهم لـ "الترغيب والترهيب " الممتلئة بالأوهام والجهل والأكاذيب- وهذا الحديث مثال ظاهر في ذلك-؛ سموه "تهذيب الترغيب والترهيب من الأحاديث من الصحاح "! وهذا الاسم وحده يكفي الباحث المنصف أن يستدل به على جهلهم وعجمتهم؛ لأنه كما يقال في بعض البلاد:(المكتوب مُبَيَّن من عنوانه) ! ذلك لأنهم يعنون خلاف ما عَنْوَنُوا! فقد كتبوا تحته: "طبعة محققة متميزة بصحاح الأحاديث ... "! فإذن قصدهم يخالف لفظهم، فهم يعنون: تهذيبه من الأحاديث الضعيفة، وليس من الصحيحة!!
فلما وقفت اليوم على "تهذيبهم " المزعوم؛ هالني ما رأيت فيه من إعراضهم عن الأحاديث الثابتة التي كانوا قد صححوها في التعليق على "الترغيب"، وجزمت بما كان يغلب على ظني أنهم ما قاموا بطبع الكتاب في أربع مجلدات كبار إلا جشعاً وركضاً وراء المال الحرام، بتظاهرهم بمظهر الباحثين والمصححين والمحققين، وهم كما يقال:(ليسوا في العير ولا في النفير) ، وقد بينت فيما سلف