قلن: من أهل الشام، قالت: لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمام؛ قلن: نعم، قالت: أما إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"ما من امرأة تخلع ثيابها ... "الحديث.
قلت: هذا لا ينافي حديث الترجمة المثبت لوجود الحمام في المدينة زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ غاية ما فيه أن حمص كانت مشهورة بدخول النساء الحمامات، بخلاف المدينة، فقالت السيدة عائشة ما قالت. وقد صح أن جماعة من الصحابة دخلوا الحمام، مثل عبد الله بن عمر، وأبي الدرداء، وبلوه وعرفوا فائدته، فقال أبو هريرة وابن عمر:
فإن كان هذا بعد فتح دمشق وحمص؛ فذلك لا ينفي أن يكونوا بدؤوا بإنشائها في المدينة، ولو في آخر حياته - صلى الله عليه وسلم -، فالقضية تاريخية ليست فقهية، فلا يكفي فيها الاستنباط وعدم العلم، بل لا بد من النص النافي الذي لا يقبل التأويل، فكيف والنص المثبت ثابت؟! فتأمل!
هذا ما تحرر عندي في هذه القضية؛ فإن أصبت فمن الله، وان أخطأت فمن نفسي؛ والله تعالى أسأل أن يسدد خطاي لما يحب ويرضى.
(تنبيه) : لقد سقط حديث الترجمة من طبعة الثلاثة المعلقين لكتاب "الترغيب "، دون أن يشيروا أدنى إشارة إلى ذلك، وهو مما يدل على أنهم أبعد ما يكونون عن التحقيق الذي زعموه في المقدمة قائلين: