ومن المعلوم أن الخوارج لا يرون المسح على الخفين، فروايته هذه تؤيد مذهبه، ولعله لذلك أنكرها بعض الحفاظ منهم ابن عبد البر في "التمهيد"، فإنه لما عد جماعة من الصحابة ممن مسح على الخفين ابتداءً بعمر وعلي، وانتهاء بأبي هريرة قال (١١/١٣٨) :
"ولم يرو عن غيرهم منهم خلاف؛ إلا شيء لا يثبت عن عائشة، وابن عباس، وأبي هريرة ".
وعقب عليه الحافظ في "التلخيص " بقوله (١/١٥٨) :
"قلت: قال أحمد: لا يصح حديث أبي هريرة في إنكار المسح، وهو باطل ".
وهنا ملاحظتان، لا بد لي من ذكرهما:
الأولى: ذكر ابن عبد البر اًبا هريرة في جملة من مسح على الخفين؛ فإني إلى الآن لم أجد عنه ذلك بسند تقوم به الحجة، اللهم! إلا ما ذكرته من روايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال مثل حديث الترجمة، وإلا؛ ما أخرجه ابن أبي شيبة (١/١٨٤) من طريق أبان بن عبد الله عمن حدث عن أبي هريرة:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين.
ومن هذا الوجه أخرجه أحمد (٢/٣٥٨) ، والبيهقي (١/١٠٧) بأتم منه بلفظ: حدثني مولى لأبي هريرة قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وضّئني! "، فأتيته بوضوء، فاستنجى، ثم أدخل يده في التراب فمسحها، ثم غسلها، ثم توضأ ومسح على الخفين، فقلت: يا رسول الله! رجلاك لم تغسلهما؟! قال: