للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الكهنة، فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر، فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر، والله! إنه لصادق، وإنهم لكاذبون، قال: قلت: فاكفني حتى أذهب فأنظر، قال: فأتيت مكة، فتضعّفت رجلاً منهم، فقلت: أين هذا الذي تدعونه الصابىء؟ فأشار إلي، فقال: الصابىء؟! فمال على أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشياً علي، قال: فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر، قال: فأتيت زمزم، فغسلت عني الدماء، وشربت من مائها، ولقد لبثت- يا ابن أخي- ثلاثين بين ليلة ويوم، ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عُكَن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع، قال: فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان؛ إذ ضرب على أسمختهم، فما يطوف بالبيت أحد، وامرأتان منهم تدعوان إسافاً ونائلة، قال: فأتتا علي في طوافهما، فقلت: أنكحا أحدهما الأخرى، قال: فما تناهتا عن قولهما، قال: فأتتا علي، فقلت هن مثل الخشبة، غير أني لا أكني، فانطلقتا تولولان وتقولان: لو كان هاهنا أحد من أنفارنا! قال: فاستقبلهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وهما هابطان، قال: "ما لكما؟ "، قالتا: الصابىء بين الكعبة وأستارها، قال: "ما قال لكما؟ "، قالتا: إنه قال لنا كلمة تملأ الفم، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استلم الحجر، وطاف بالبيت هو وصاحبه، ثم صلى، فلما قضى صلاته قال أبو ذر: فكنت أنا أول من حياه بتحية الإسلام، قال: فقلت: السلام عليك يا رسول الله! فقال: "وعليك ورحمة الله "، ثم قال: "من أنت؟ "، قال: قلت: من غفار، قال: فأهوى بيده، فوضع أصابعه على جبهته، فقلت في نفسي: كره أن انتميت إلى غفار؟! فذهبت آخذ بيده، فَقَدَعَنِي صاحبه- وكان أعلم به مني- ثم رفع رأسه، ثم قال: "متى كنت هاهنا؟ "، قال: قلت: قد كنت هاهنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم، قال: "فمن كان يطعمك؟ "،

<<  <  ج: ص:  >  >>