للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت: وهذا كذب وزور، وتقوُّل على الشارع الحكيم بتحميل كلامه ما لا يتحمل؛ فإنه يشير بذلك إلى قوله تعالى في أهل الجنة:

(جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير. وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحَزَنَ إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المُقَامة من فضله لا يمسُّنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لُغُوب) .

فأنت ترى أن (دار المقامة) في الآية أريد بها الجنة؛ لأن من دخلها أقام فيها

ولم يخرج منها ألبتة، بخلاف (النار) فليست كذلك " فإنه يخرج منها الموحدون كما هو معلوم، فوسع ذاك المأفون معنى هذه الكلمة، فقال: هي الآخرة، فدخل فيها النار أيضاً، وهذا باطل بداهة! فعل ذلك ليدخل فيها الحياة البرزخية؛ تمهيداً للاستشهاد بالحديث- مع شذوذه- على صحة الحديث الباطل! وقد أشار إلى هذا المعنى الذي ذكرته الراغب الأصبهاني في كتابه الفذ "المفردات في غريب القرآن " فقال (٤١٨/٢) :

(المقامة) : الإقامة، قال تعالى: (الذي أحلنا دار المقامة من فضله) نحو (دار الخلد) ، و (جنات عدن) ". وقال قتادة في تفسير الآية:

"أقاموا فلا يتحولون ولا يُحَوَّلون " (١) .

فالكلمة معناها لغوي محض في القرآن والحديث، ليس لها معنى خاص في الشرع كما زعم المأفون، فهي تقابل معنى التحول الذي صرح به الحديث في قوله:

"جار البادية يتحول ". ولهذا قال ابن الأثير في "غريب الحديث ":


(١) " الدر المنثور" (٥/ ٢٥٤) . *

<<  <  ج: ص:  >  >>