للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفي " فتح الباري " (١ / ٤٧٧) :

" قال المحب الطبري: كره قوم الصف بين السواري للنهي الوارد عن ذلك، ومحل

الكراهة عند عدم الضيق، والحكمة فيه إما لانقطاع الصف أو لأنه موضع النعال.

انتهى. وقال القرطبي: روي في سبب كراهة ذلك أنه مصلى الجن المؤمنين ".

قلت: وفي حكم السارية، المنبر الطويل ذي الدرجات الكثيرة، فإنه يقطع الصف

الأول، وتارة الثاني أيضا، قال الغزالي في " الإحياء " (٢ / ١٣٩) :

" إن المنبر يقطع بعض الصفوف، وإنما الصف الأول الواحد المتصل الذي في فناء

المنبر، وما على طرفيه مقطوع، وكان الثوري يقول: الصف الأول، هو الخارج

بين يدي المنبر، وهو متجه لأنه متصل، ولأن الجالس فيه يقابل الخطيب ويسمع

منه ".

قلت: وإنما يقطع المنبر الصف إذا كان مخالفا لمنبر النبي صلى الله عليه وسلم

فإنه كان له ثلاث درجات، فلا ينقطع الصف بمثله، لأن الإمام يقف بجانب الدرجة

الدنيا منها. فكان من شؤم مخالفة السنة في المنبر الوقوع في النهي الذي في هذا

الحديث.

ومثل ذلك في قطع الصف المدافئ التي توضع في بعض المساجد وضعا يترتب منه قطع

الصف، دون أن ينتبه لهذا المحذور إمام المسجد أو أحد من المصلين فيه لبعد

الناس أولا عن التفقه في الدين، وثانيا لعدم مبالاتهم بالابتعاد عما نهى عنه

الشارع وكرهه.

وينبغي أن يعلم أن كل من يسعى إلى وضع منبر طويل قاطع للصفوف أو يضع المدفئة

التي تقطع الصف، فإنه يخشى أن يلحقه نصيب وافر من قوله صلى الله عليه وسلم:

" ... ومن قطع صفا قطعه الله ".

أخرجه أبو داود بسند صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " (رقم ٦٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>