للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا قال الحافظ في " الفتح " بعد أن ساق الزيادة التي أوردتها في الحديث

الأول من قول أنس:

" وأفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم،

وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته ".

ومن المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون، بل أضاعوها إلا

القليل منهم، فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث، فإني رأيتهم في

مكة سنة (١٣٦٨) حريصين على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى عليه الصلاة

والسلام بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة - لا أستثني منهم حتى الحنابلة

- فقد صارت هذه السنة عندهم نسيا منسيا، بل إنهم تتابعوا على هجرها والإعراض

عنها، ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين

بقدر أربع أصابع، فإن زاد كره، كما جاء مفصلا في " الفقه على المذاهب الأربعة

" (١ / ٢٠٧) ، والتقدير المذكور لا أصل له في السنة، وإنما هو مجرد رأي،

ولو صح لوجب تقييده بالإمام والمنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة،

كما تقتضيه القواعد الأصولية.

وخلاصة القول: إنني أهيب بالمسلمين - وخاصة أئمة المساجد - الحريصين على

اتباعه صلى الله عليه وسلم واكتساب فضيلة إحياء سنته صلى الله عليه وسلم أن

يعملوا بهذه السنة ويحرصوا عليها، ويدعوا الناس، إليها حتى يجتمعوا عليها

جميعا. وبذلك ينجون من تهديد " أو ليخالفن الله بين قلوبكم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>