للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الصلاة،

وأنه يجب عليه أن يبادر إلى أدائها فور الاستيقاظ أو التذكر لها.

ودلت زيادة أنس رضي الله عنه، على أن ذلك هو الكفارة، وأنه إن لم يفعل فلا

يكفره شيء من الأعمال، اللهم إلا التوبة النصوح.

وفي ذلك كله دليل على أن الصلاة التي تعمد صاحبها إخراجها عن وقتها، فلا

يكفرها أن يصليها بعد وقتها، لأنه لا عذر له، والله عز وجل يقول: (إن

الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) ، وليس هو كالذى نام عنها أو نسيها،

فهذا معذور بنص الحديث، ولذلك جعل له كفارة أن يصليها إذا تذكرها.

ألست ترى أن هذا المعذور نفسه إذا لم يبادر إلى الصلاة حين التذكر فلا كفارة له

بعد ذلك، لأنه أضاع الوقت الذي شرع الله له أن يتدارك فيه الصلاة الفائتة.

فإذا كان هذا هو شأن المعذور أنه لا قضاء له بعد فوات الوقت المشروع له، فمن

باب أولى أن يكون المتعمد الذي لم يصل الصلاة في وقتها وهو متذكر لها مكلف بها

أن لا يكون له كفارة. وهذا فقه ظاهر لمن تأمله متجردا عن التأثر بالتقليد

ورأي الجمهور.

ومما سبق يتبين خطأ بعض المتأخرين الذي قاسوا المتعمد على الناسي فقالوا:

" إذا وجب القضاء على النائم والناسي مع عدم تفريطهما فوجوبه على العامد

المفرط أولى "!

مع أن هذا القياس ساقط الاعتبار من أصله، لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه،

فإن العامد المتذكر ضد الناسي والنائم.

على أن القول بوجوب القضاء على المتعمد ينافي حكمة التوقيت للصلاة الذي هو شرط

من شروط صحة الصلاة، فإذا أخل بالشرط بطل المشروط بداهة،

<<  <  ج: ص:  >  >>