وأقول: هذا يوهم أنه تفرد به، وليس كذلك، فقد تابعه جماعة من الثقات كما
سبقت الإشارة إلى ذلك في مطلع هذا التخريج وتقدم ذكرهم من قبل ابن تيمية رحمه
الله، وهم حماد بن سلمة وعبد الوارث ابن سعيد والعوام بن حوشب، ثلاثتهم قد
وافق حشرجا على أصل الحديث، فلا يجوز إعلال الحديث به، كما لا يخفى على
المبتدىء في هذا العلم، فضلا عن المبرز فيه. ولعل الأستاذ الخطيب لم يتنبه
لهذه المتابعات القوية ظنا منه أن الترمذي ما دام أنه رواه من طريق حشرج فكذلك
رواه الآخرون، ولكن كيف خفي عليه قول الترمذي عقب الحديث كما تقدم نقله عنه:
" وقد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان "؟ !
الثالثة: أن عبد الله بن أحمد رواه من طريق سويد الطحان وهو لين الحديث.
فأقول: ذلك مما لا يضر الحديث إطلاقا، لأن من سبق عزو الحديث إليهم وهم جم
غفير قد رووه من طرق كثيرة وصحيحة عن سعيد بن جمهان، ليس فيها سويد هذا! فهل
يضر الثقات أن يشاركهم في الرواية أحد الضعفاء؟ !
فقد تبين بوضوح سلامة الحديث من علة قادحة في سنده، وأنه صحيح محتج به.
وبالله التوفيق.
وقد أعله الأستاذ الخطيب أيضا بعلة أخرى في متنه فقال:
" وهذا الحديث المهلهل يعارضه ذلك الحديث الصحيح الصريح الفصيح في كتاب
" الإمارة " من " صحيح مسلم " ... عن جابر بن سمرة قال:
" دخلت مع أبي على النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: إن هذا الأمر لا
ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ... كلهم من قريش ". وهذه المعارضة
مردودة، لأن من القواعد المقررة في علم المصطلح أنه لا يجوز رد الحديث الصحيح
بمعارضته لما هو أصح منه، بل يجب الجمع والتوفيق