للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لقد ذكَّرته هناك بهذه المخالفةِ الجسيمة الّتي لا أظنُّ أَنَّ مسلمًا يعترفُ بعلمِ هؤلاءِ الأَئمةِ وفضلهم يتجرّأُ على مخالفتهم، وإِضافةً إِلى ذلك بيّنتُ له وهاءَ ما تشبَّثَ به في تضعيفِ الحديث، فلمّا اطلعَ على ذلك عاند، واستكبرَ -كعادته- وركبَ رأسَه، فكتبَ ردًّا طويلًا مجموعًا فى خمسِ صفحات، ليس فيها شيءٌ من العلمِ، سوى آرائه الشحصيّة التي هي {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً} ، فهو بحقٍّ رجلٌ (مَلِصٌ) ، كلما جوبه بدليلٍ لا مردَّ له تملّصَ بتأويلٍ له من عنده.

خذ مثلًا (عطة بن قيس) التابعيّ الإِمام -كما وصفه الذهبيُّ- لماّ رددنا عليه قولَه فيه: " مجهول الحال " بأنَّ مسلمًا وثَّقه واحتجَّ به فى "صحيحه"، وبتوثيقِ الحافظ إِياه، تحذلقَ فقال: " لم يوثِّقه مسلم، وإِنّما ذكره فىِ الشواهدِ "، ثمَّ أَشارَ إِلى الحديثِ الذي يعْنيه أنّه فى " مسلم " برقم (٤٧٧) .

وهذا ممّا لم يقله قبله أَحد، وهو خلافُ ما عليه الحفاظُ الّذينَ ترجموا للرَّجلِ كالمزيِّ والذهبيِّ والعسقلانيِّ وغيرِهم، أَطلقوا عزوَه لمسلمٍ، ولم يقولوا: "في الشواهدِ"! بينما لمّا عزوه إِلى "البخاريِّ"، قيدوه فقالوا بالرمزِ: "تعليقًا"، وهذا من دقَّتهم -رضي الله عنهم- الّتي يغفلُ عنها المذكورُ، أَو يتغافلُ عنها؛ لأنّه لا يثقُ بعلمِهم! بل صرّحَ بذلك المزيُّ فقال في آخرِ ترجمتِه:

"استشهدَ له البخاريُّ (يعني تعليقًا) بحديثٍ واحدٍ (يعني هذا) ، وروى له الباقون".

وإنَّ ممّا يؤكّدُ هذا الحديثَ الذي أَشارَ إِليه؛ فإِنّه عند مسلمٍ حديثٌ بين حديثين فيما يقولُه المصلي إِذا رفعَ رأسَه من الرُّكوعِ، وثلاثتها أحاديث صحيحة، ليس في واحدٍ منها من لم يحتجَّ به مسلم.

وما مثله فيما ادعاه إِلاّ كمثلِ من لو عارضَه معارضٌ فقال في راوي الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>