مبايعةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ الحديبية برقم (٤١٨٧) ، وصله الحافظُ (٧/٤٥٦) ، وذكرَ أنّه وقعَ في بعضِ النسخِ:"وقال لي" فهو بهذا الاعتبارِ موصولٌ، فكأنّه لذلك صححه الحافظُ.
لم ينتهِ -مع الأسف- تلبيسُك على القرّاء بما تقدّمَ، فقد أَتبعتَ الأحاديثَ الّتي ذكرتها، وزعمتَ أنَّ البخاريَّ لم يحتجّ بها - إِذ قلتَ:
"ليس في أَحاديثه الأَربعةِ حديثٌ واحدٌ احتجَّ به البخاريُّ في "صحيحه"، وإِنّما ذكرها متابعةً وتعليقًا وفي الشواهدِ، ومثل هذا معروف عند عارفي "صحيح البخاريّ" أنّه ليسَ على شرطِه".
فأَقولُ -والله المسُتعانُ-: لو أنَّه وقفَ عندَ قولِه: "وفي الشواهدِ"، لقلنا: هذا رأيه، إِلاّ أنّه باطلٌ كما سبقَ بيانُه، وأَمّا أَن يتابعَ كلامَه فينسبَ ذلك إِلى عارفي "صحيح البخاريّ"، فهو أَبطلُ وأَبطلُ، وتلبيسٌ على القرّاءِ يصعبُ على عامتِهم اكتشافُه إلاّ بالرجوعِ إِلى ما نقلتُه آنفًا عن الحفّاظِ، وبخاصةٍ منهم الحافظَ ابن حجرٍ الََّذي هو ليس فقط من "عارفي "صحيح البخاري""، بل هو أَعرفُهم به، وقد رأيت تصريحَه بخلافِ ما نسبَ إِليه هذا، فماذا أَقولُ؟ عاملَه اللهُ بما يستحقُّ.
ثالثًا - بعدَ أَن سوّدَ من الجريدةِ عمودًا ونصفًا، وعرفتَ ما فيه، جاء بباقعةٍ أُخرى (ضِغثًا على إِبّالة) ، فأَخرجَ من روايةِ البيهقيِّ وابن حجر في "التغليق" متابعةَ بشر بن بكر لهشام بن عمّار، ولم يعزُها لابن عساكر -وهو أَقدمُ بقرونٍ من ابن حجر كما هو معلوم- تدليسًا وتلبيسًا من تلك التلبيساتِ الّتي حضَّني على أَن أَذكرَ له شيئًا منها! فقال عقب المتابعة المذكورة:
"وهذه على أنّا سلّمنا أنّها متابعةٌ قويّةٌ لحديث هشام، ليس فيها نصٌّ صريحٌ على (المعازفِ) ؛ لأنّها رويت عند البيهقيّ وابن حجر ضمنَ روايةِ هشام بن عمّارٍ