لقد ضعّفَ هذا الحديثَ وشاهدَه من حديث أَنس في جملةِ ما ضعّفَ من الأَحاديثِ الصحيحةِ الكثيرةِ - المدعو (حسان عبد المنان) في رسالةٍ له أسماها "مناقشة الأَلبانييّن في مسألةِ الصلاةِ بين السواري"، ذهبَ فيها تقليدًا منه لغيرِه إِلى جوازِ الصلاةِ بينها لغيرِ عذرٍ، قياسًا على الإِمامِ والمنفردِ! وهذا من أَبطلِ قياسٍ على وجه الأَرضِ، كما هو ظاهرٌ بداهةً لكلِّ ذي لُبٍّ، فإِنّه من بابِ قياس غير المعذور على المعذور -هذا لو لم يعارض السنّةَ- كيفَ لا؛ والقطعُ الذي يحصلُ بصلاةِ الجماعةِ بين السواري، لا يحصلُ بصلاةِ المنفردِ بينها؟!
ليس غرضي الآن الردَّ عليه مفصلاً من الناحيةِ الحديثيّةِ فضلاً عن الناحيةِ الفقهيّةِ، فإِنَّ المجالَ ضيقٌ -كما ترى- والوقتُ أَضيقُ، إلاّ بمقدارِ ما لا بدَّ منه من الدفاعِ عن حديثِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.
لقد تشبثَ المذكورُ في تضعيفِ الحديثِ بقولِ أبي حاتمٍ في راويةِ (هارون بن مسلم) : "مجهول"، وقول الحافظِ ابن حجر:"مستور"! معارضًا بهما توثيقَ من وثقه وصححَ حديثَه كابن حبّان، وابن خزيمةَ، والحاكمِ، والذهبيِّ! ويجيبُ على ذلك بأنَّ هؤلاءِ من المتُساهلين، وأَمّا الذهبيُّ فمتناقض!
والجوابُ بأَوجزِ ما يمكنُ من العبارةِ:
لا يمكنُ لأَيِّ عالمٍ -بحكمِ ارتفاعِ العصمةِ- إلاّ أَن يقعَ منه الخطأُ كما صحَّ عن الإِمامِ مالك، سواءٌ كانَ الخطأُ من بابِ التساهلِ أَم التشكك، أَم التعارضِ، أَم خطأً محضًا، وعليه فلا يجوزُ ردُّ قولِ العالمِ بمجرّدِ القولِ بأنّه متساهلٌ أَو متناقض، وهذا ما وقع فيه المدعي!
أوّلاً - أَمّا الذهبيُّ، فقد تعقبَ في "الميزانِ" قول أبي حاتم في "هارون":