"لهذا كلِّه لم يلتفت ابنُ حجرٍ إِلى.. تقويةِ ابن خزيمةَ والحاكمِ له"!
فأَقولُ: ولكنّه التفتَ إِلى تصحيحِ الحاكم لحديثِ أنس، وصرّحَ بصحةِ إِسنادِه كما ذكرتُ آنفًا، فَلِمَ تذكر ما لك، وتكتمُ ما عليك؟ وصنيعُ مَنْ هذا؟!
٤- نسبَ (ص ١٦، ٢٦) إِلى ابن قدامةَ أنّه قالَ: "لم يصحَّ عند المجوِّزين دليلُ المانعين".
وفي هذا تقويلٌ لابنِ قدامةَ ما لم يقل؛ لأنّه يشيرُ بذلك إِلى عبارته الّتي نقلها (ص ١٥) عنه، ونصّها:"لا دليلَ على المنعِ عندَهم"، فهذا في وادٍ، وما تقوّله في وادٍ آخر، لأنّ من أَول أَسبابِ اختلافِ الأَئمةِ أنْ لا يكونَ الحديثُ قد بلغَه -كما قال ابن تيميّة- فمن الممكنِ أَن يكونَ السببُ عدمَ وصولِ الحديث إِليهم، أو وصلَهم وتأوّلوه، أو لم يصحَّ عندهم، كلُّ هذا ممكنٌ، فلا يجوزُ حملُ كلامِ ابن قدامةَ على إِثباتِ الوصولِ مع نفي الصحةِ كما هو ظاهرٌ جدًّا، فابن قدامةَ قال:"لا دليلَ"، فهو أعمُّ من كونِه وصل أَو لم يصل، ولم يقل:"لم يصحَّ" كما زعمَ، وقال:"دليل على المنع" ولم يقل: دليل المانعين، لينصبَّ على الحديث!
فهل كانَ هذا التقويلُ عن غفلةٍ عن الفرقِ المذكورِ، أم عن تغافلٍ؟ أحلاهما مرُّ!
وهناك أمورٌ أُخرى تعرّضَ لي فيها بباطلٍ، لا مناسبةَ لبيانِها الآن، والله المُستعان.
ولكن لا بدَّ لي أَخيرًا من التنبيهِ على أمرٍ هامٍّ يتعلّقُ بموقفِ (المُضعّفِ) سابقًا من الحديثِ الثالثِ وغيرِه، ممّا يحققُ الوصفَ المذكورَ فيه.
لقد كانَ الحديثُ من أَحاديث "رياض الصالحين" الّتي أَبقاها (المضعّفُ) في طبعتِه لـ "الرياض" رقم (٨٣٩) ، مقرًّا للنوويِّ على تصحيحه إِيّاه، فكيفَ هذا وقد ضعفَه في "مناقشتهِ الأَلبانيّين"؟ كما عرفَ من الرَّدِّ عليه في هذا الاستدراك.