وسائرُ رجالِ الاٍسنادِ ثقاتٌ من رجالِ "التهذيبِ" غيرُ شيخِ الطبرانيّ (إِبراهيم) -وهو ابن هاشمٍ البغويّ- وهو ثقةٌ، فالمتابعةُ لا بأسَ بها، والاٍسنادُ حسن، واللهُ أَعلمُ.
ثالثًا - كنتُ نقلتُ هناك قولَ الحافظِ في (المبُاركِ) : إِنّه يدلِّسُ ويسوِّي، وأَشرتُ إِليه آنفًا، فالّذي أُريدُ تحقيقَه الآن إِنّما هو أنَّ قولَه فيه:"ويسوّي" خطأٌ -لعلّه سبقُ قلمٍ- والصوابُ الاقتصارُ على قولِه فيه:"يدلسُ" وذلك لأَمرين:
الأَوّل - أنَّ هذا هو الّذي اتفقَ عليه الحفّاظُ الّذين رموه بالتدليسِ، مثلُ يحيى ابن سعيدٍ، وأَحمدَ بن حنبلٍ، وأَبي داود، وأَبي زرعةَ وغيرِهم، وكلّهم قالوا:"إِذا قالَ: "حدّثنا" فهو ثبتٌ، أَو ثقةٌ".
وقال يحيى، وعبد الرحمن بن مهدي -واللفظُ له-:
"لم نكتب لـ (المبارك) شيئًا، إلاّ شيئًا يقول فيه: سمعتُ الحسنُ".
وقد ذكرت بعضَ أَقوالِهم هناك، وهذا التدليسُ هو الّذي يسميه الحافظُ في "طبقاتِ المدلسين" بتدليس الاٍسنادِ، وهو المُرادُ عندهم عند الإِطلاقِ، وهو أَن يسقطَ منه شيخه.
وأَمّا تدليسُ التسويةِ فهو أَن يصنعَ ذلك لشيخِه -كما في "الطبقاتِ"- ُمُسْقِطًا شيخَ شيخِه، وقد اشتهرَ بهذا النوعِ من التدليسِ الوليدُ بن مسليم تلميذُ الإِمامِ الأَوزاعيّ، فكانَ يسقطُ من إِسنادِه شيخَ الأَوزاعيّ، وقد يغفلُ عن هذا النوعِ من التدليسِ بعضُ المعاصرين فيمشّي حديثَه إِذا صرّحَ بالتحديثِ عن شيخِه! وضربت عليه مثلاً في الاستدراك المتقدّم برقم (١٠) ، فراجعه، ونبّهتُ على تدليسِ الوليدِ