قلت: والتليين المشار إليه مع أنه من غير الذهبي فهو مما لا يعتد به كما يأتي
الخامس: أن قوله " وقد ترجم له في تذكرة الحفاظ " فما لا طائل تحته، لأنه لم
يبين بماذا ترجم له، أبالتوثيق أم بالتضعيف على أن الثاني أقرب إلى أن يتبادر
إلى ذهن القارىء، لأنه لم ينقل ذلك إلا في صدد الكلام على تضعيف الرجل، فكيف
والواقع أن ترجمته له في " التذكرة " يؤخذ منها التوثيق لا التضعيف وإليك نص
كلامه. قال (٢ / ٦١٩) : " وثقه إبراهيم الحربي مع علمه بأنه يأخذ الدراهم
(يعنى على التحديث) وأبو حاتم بن حبان، وقال الدارقطني: صدوق، وأما أخذ
الدراهم على الرواية فكان فقيرا كثير البنات. وقال أبو الفتح الأزدي وابن
حزم: ضعيف ". ومن عرف حال أبي الفتح الأزدي وما فيه من الضعف المذكور في
ترجمته في " الميزان " وغيره وعرف شذوذ ابن حزم في علم الجرح عن الجماعة كمثل
خروجه عنهم في الفقه لم يعتد بخلافهما لمن هم الأئمة الموثوق بهم في هذا العلم
ولذلك قال الذهبي في ترجمة الحارث هذا من " الميزان ":
" وكان حافظا عارفا بالحديث عالي الإسناد بالمرة تكلم فيه بلا حجة ":
فقد أشار بهذا إلى رد تضعيف أبي الفتح وابن حزم إياه. وممن وثقه أحمد
ابن كامل وأبو العباس النباتي ولما نقل الحافظ في " اللسان " قول الذهبي
المتقدم " ليس بعمدة " تعقبه بقوله: " مع أنه في " الميزان " كتب مقابله صحيح
واصطلاحه أن العمل على توثيقه ".
وجملة القول أن الحارث بن أبي أسامة ثقة حافظ وأن من تكلم فيه لا يعتد بكلامه
وأن الذهبي تناقض قوله فيه والراجح منه ما ذكره في " الميزان " و " الضعفاء "
أنه ثقة صدوق وأن قوله في " التلخيص ": " ليس بعمدة " هو الذي ليس بعمدة لأنه
قاله من ذاكرته والذاكرة قد تخون وما ذكره في المصدرين المشار إليهما إنما
ذكره بعد