الشيخان بل هو من أثبت الناس في الزهري كما قال الحافظ
في " التقريب ". ولذلك جزم في " التهذيب " بأن حديث معمر هو الصواب. ويؤيده
أنه قد تابعه أيضا محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب به.
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (٥٣) . ومحمد هذا هو ابن عبد الله بن أبي
عتيق: محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وهو حسن الحديث عن الزهري كما
قال الذهلي.
قلت: فهذان متابعان قويان لمعمر تشهدان لحديثه بالصحة، فكيف يصح الحكم عليه
بالخطأ ولو من إمام المحدثين؟ ورحم الله مالكا إذ قال: " ما منا من أحد إلا
رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر ". يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
والخلاصة أن الصحيح في إسناد هذا الحديث أنه من رواية أبي سلمة أن الرداد
أخبره عن عبد الرحمن بن عوف. فهو إسناد متصل غير منقطع.
ولكن ذلك لا يجعله صحيحا لأن أبا الرداد هذا لا يعرف إلا بهذا الإسناد ولم
يوثقه غير ابن حبان ولهذا قال الحافظ: " مقبول ". يعني عند المتابعة وإلا
فلين الحديث. ولكنه قد توبع، فقال الإمام أحمد (١ / ١٩١) : " حدثنا يزيد
ابن هارون: أخبرنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله
ابن قارظ أن أباه حدثه أنه دخل على عبد الرحمن بن عوف وهو مريض، فقال له عبد
الرحمن: وصلتك رحم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال " فذكره.
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم غير عبد الله بن قارظ والد إبراهيم، فلم أجد
من ترجمه ولا ذكروه في شيوخ ابنه إبراهيم فكأنه غير مشهور وفي كلام ابن حجر
ما يشعر بذلك، فإنه قال بعد أن صوب رواية معمر المتقدمة: " وللمتن متابع
رواه أبو يعلى بسند صحيح من طريق عبد الله ابن قارظ عن عبد الرحمن بن عوف من
غير ذكر أبي الرداد فيه ". وفاته أن هذه الطريق في مسند أحمد أيضا.
وقد وجدت للحديث شاهدا قويا فقال الإمام أحمد (٢ / ٤٩٨) : حدثنا يزيد قال:
وأنبأنا محمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: فذكره.