وكانوا في غضون ذلك ما بين طالب للقرآن والسُّنة كأبي هريرة -رضي الله عنه- فإنه قصر نفسه على ذلك، وكان معهم من يقضي نهاره بذكر الله وعبادته وتلاوة القرآن، فإذا غزا رسول الله غزوا، وإذا أقام أقاموا معه حتى فتح الله على رسوله، وعلى المؤمنين، فغادروا الصفة، وصاروا إلى ما صار إليه غيرهم ممن كان ذا أهل ومال وطلب للمعاش واتخاذ المسكن. وعلق الحافظ ابن حجر في "الفتح" على قول أبي هريرة "رأيت سبعين من أهل الصفة" فقال: وهذا يشعر بأنهم كانوا أكثر من سبعين، وهؤلاء هم الذين رآهم أبو هريرة غير السبعين الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم، في عزوة بئر معونة، وكانوا من أهل الصفة أيضاً، لكنهم استشهدوا قبل إسلام أبي هريرة، وقد اعتنى بجمع أصحاب الصفة ابن الأعرابي والسلمي والحاكم وأبو نعيم، وعند كل منهم ما ليس عند الآخر، وفي بعض ما ذكروه اعتراض ومناقشة.