للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذِكْرُ إِثْبَاتِ نَفْيِ الثَّوَابِ فِي الْعُقْبَى عَنْ مَنْ رَاءَى وَسَمَّعَ فِي أَعْمَالِهِ فِي الدُّنْيَا

٤٠٦ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمُلَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ

سَمِعْتُ جُنْدُبًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا غَيْرَهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَنَوْتُ قَرِيبًا مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ سَمَّعَ يُسَمِّعُ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ راءى يرائي١ الله به" ٢. [٢: ١٠٩]


١ قال أهل اللغة إذا كان الشرط ماضياً والجزاء مضارعاً، جاز جزم الجزاء ورفعه وكلاهما حسن، واستشهدوا بقول زهير بن أبي سلمى المزني:
وإن أتاهُ خَلِيلٌ يوم مَسْغَبةٍ ... يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
وقال الكوفيون والمبرد: هو على إضمار الفاء، أي: إن أتاه فيقول، وهو عند سيبويه على التقديم والتأخير، أي: يقول.. إن أتاه خليل يوم مسغبة فيكون جواب الشرط على ما ذهب إليه محذوفاً والمذكور دال عليه، انظر: "المقتضب" ٢/٧٠، و"الكتاب" ١/٥١٠، و"شرح شواهد المغني" ٦/٢٩١ للبغدادي.
ورواية البخاري ومسلم "من يرائي يرائي الله به" قال الحافظ: وقد ثبتت الياء في آخر كل منهما، أما الأولى فللإشباع، وأما الثانية، فكذلك، أو التقدير: فإنه يرائي به الله.
٢ إسناده صحيح على شرط الشيخين، الملائي هو أبو نعيم الفضل بن دكين، وجندب هو ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه.
وأخرجه مسلم "٢٩٨٧" في الزهد والرقائق: باب من أشرك في عمله غير الله، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد. =
= وأخرجه البخاري "٦٤٩٩" في الرقاق: باب الرياء والسمعة، ومن طريقه البغوي في "شرح السُّنة" "٤١٣٤" عن أبي نعيم الملائي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد ٤/٣١٣ عن وكيع وعبد الرحمن بن مهدي، والبخاري "٦٤٩٩" أيضاً من طريق يحيى القطان، ومسلم "٢٩٨٧" "٤٨" من طريق وكيع، وابن ماجة "٤٢٠٧" في الزهد: باب الرياء والسمعة، من طريق محمد بن عبد الوهاب، كلهم عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي "٧١٥٢"، ومسلم "٢٩٨٧" أيضاً من طريق سفيان، عن الوليد بن حرب، عن سلمة بن كهيل، به.
وأخرجه البخاري "٧١٥٢" في الأحكام: باب من شاقَّ شق الله عليه، عن إسحاق الواسطي، عن خالد بن عبد الله الطحان، عن الحريري، عن طريف أبي تميمة، عن جندب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سمَّع سمَّعَ الله به يوم القيامة، ومن شاقَّ شقَّ الله عليه يوم القيامة".
وفي الباب عن ابن عباس سيرد بعده "٤٠٧".
قوله: "من سمَّع" يعني: من عمل عملاً على غير إخلاص، يقصد أن يراه الناس ويسمعوه.
قوله: "سمَّع الله به" يعني: يجازيه على ذلك بأن يفضحه، فيبدو عليه ما كان يُسره من ذلك.
وقوله: "يرائي الله به" أي يطلعهم على أنه فعل ذلك لهم لا لوجهه.
وقيل: معنى "سمَّع الله به" شَهَرَهُ أو ملأ أسماع الناس بسوء الثناء عليه في ذلك في الدنيا أو في القيامة، بما ينطوي عليه من خبث السريرة.
ورواية البخاري "٧١٥٢" مُصَرَّحة بوقوع ذلك في الآخرة، ولفظها: "من سَمَّع الله به يوم القيامة".
قال الحافظ: ورد في عدة أحاديث التصريح بوقوع ذلك في الآخرة، فهو المعتمد، فعند أحمد ٥/٢٧٠، والدارمي ٢/٣٠٩ من حديث أبي هند الداري رفعه: "من قام مقام رياء وسمعة راءى الله به يوم القيامة، وسمع به" وللطبراني ١٨/٥٦ "١٠١" من حديث عوف بن مالك نحوه، وله ٢٠/ ١١٩ "٢٣٧" من حديث معاذ مرفوعاً: "ما من عبد يقوم في الدنيا مقام سمعة ورياء إلا سمع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة".

<<  <  ج: ص:  >  >>