قلت بعون الله (القائل علي القاري) : إن هذا الجوابَ غيرُ مقبول، لأنه معلول ومدخول، فإنه إذا صح التخييرُ، لم يجز العتابُ والتعبير، فضلاً عن العذاب والتعزير، وأما ما ذكره من تخيير أمهات المؤمنين، فليس فيما أنهن لو اخترن الدنيا، لعُذِّبْنَ في العقبى، ولا في الأولى، وغايتُه أنهن يُحرمن من مصاحبة المصطفى، لِفساد اختيارهن الأدنى بالأعلى، وأما قضيةُ الملكين، وقضية تعليم السحر، فنعم امتحان من الله وابتلاء، لكن ليس فيه تخييرٌ لأحد، ولهذا قال المفسرون في قوله تعالى: {من شاء فيؤمن ومن شاء فليكفر} : إنه أمر تهديد لا تخيير، وأما قولُه " أم يؤثرون الأعراض العاجلة من قبول الفدية، فلما اختاروه عوقبوا بقوله {ما كان لنبي} الآيه " فلا يخفى ما فيه من الجرأة العظيمة، والجناية الجسيمة، فإنهم ما اختاروا الفدية إلا للتقوية على الكفار، وللشفقة على الرحم، ولرجاء أنّهم يؤمنون، أو في أصلابهم مَن يؤمن، ولا شك أن هذا وقع منهم اجتهاداً وافق رأيه - صلى الله عليه وسلم -، غايتُه أن اجتهادَ عمر وقع أصوبَ عنده تعالى، فيكون مِن موافقات عمر رضي الله عنه ...