للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْكَرْمُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ" أَرَادَ بِهِ قَلْبَهُ

٥٨٣٣ ـ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ


=وأخرجه أحمد ٢/٢٥٩، والبخاري "٦١٨٢" في الأدب: باب "لا تسبوا الدهر"، من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال لبغوي في "شرح السنة" ١٢/٣٥٦: قد قيل في معنى نهيه عن تسمية هذه الشجرة كرما: إن هذا الاسم عندهم مشتق من الكرم، سموا شجرة العنب كرما، لأنه يتخذ منه الخمر، وهي تحث على السخاء والكرم، فاشتقوا لتلك الشجرة اسماً من الكرم، فكره النبي صلى الله عليه وسلم تسميته لشيء حرمه الشرع باسم مأخوذة من الكرم، وأشفق أن يدعوهم حسن الإسم إلى شرب الخمرالمتخذة من ثمرتها فسلبها هذا الاسم تحقيراً لشأنها وتأكيداً لحرمتها، وجعله صفة للمسلم الذي يتوقاها، ويمنع نفسه عن محارم الشرع عزةً وتكرماً.
وقال الزمخشري في "الفائق" ٣/٢٥٧، ونقله عنه ابن الأثير صاحب "جامع الأصول" ١١/٧٥٢ ـ ٧٥٣،: أرد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرر ويشدِّد ما في قوله عز وجل: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} بطريقة أنيقة، ومسلك لطيف، ورمز خلوب، فبصر أن هذا النوع من غير الأناسي، المسمى بالاسم المشتق من الكرم: أنتم أحقاء بأن لا تؤهلوه لهذه التسمية، ولا تطلقوها عليه، ولا تسلموها له غيرةً للمسلم التقي، وربأ به أن يشارك فيما سماه الله به، واختصه بأن جعله صفته، فضلاً أن تسموا بالكرم من ليس بمسلم وتعترفوا له بذلك، وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كرماً، ولكن الرمز إلى هذا المعنى، كأنه قال: إن تأتَّي لكم أن لا تسموه ـ مثلا ـ باسم الكرم، ولكن بالحبلة فافعلوه.
وقوله: "فإنما الكرم قلب المؤمن ولرجل المسلم" أي: فإنما المستحق للاسم المشتق من الكرم: المسلم، ونظيره في الأسلوب قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً}

<<  <  ج: ص:  >  >>