قال أبو حاتم: الله جل وعلا قَادِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ رُبَّمَا يَعِدُ الشَّيْءَ لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يَقْضِي كَوْنَ بَعْضِ ذَلِكَ الشَّيْءِ قَبْلَ مَجِيءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَوَعْدِهِ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجَعْلِهِ مَحْدُودًا ثُمَّ قَضَى كَوْنَ مِثْلِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مِثْلَ مَنْ ذَكَرَهُ اللَّهُ وَجَعَلَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي كِتَابِهِ حَيْثُ يَقُولُ: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ [البقرة: ٢٥٩] وكإحياء الله جل وعلا لعيسى بن مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بَعْضَ الْأَمْوَاتِ.
فَلَمَّا صَحَّ وجودُ كَوْنِ هَذِهِ الْحَالَةِ فِي الْبَشَرِ إِذَا أَرَادَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَمْ يُنْكَرْ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَحْيَا مُوسَى فِي قَبْرِهِ حَتَّى مَرَّ عَلَيْهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ وَذَاكَ أَنَّ قَبْرَ مُوسَى بِمُدَّيْنِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَبَيْنَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَرَآهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو فِي قَبْرِهِ إِذِ الصَّلَاةُ دُعَاءٌ فَلَمَّا دَخَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَأُسْرِيَ بِهِ أُسْرِيَ بِمُوسَى حَتَّى رَآهُ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ من الكرم مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ وَكَذَلِكَ رُؤْيَتُهُ سَائِرَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فِي خَبَرِ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute