= قال البغوي في "شرح السنة" ١/٢٦١: واختلفوا في تأويله، فقيل: معنى المراء الشك، كقوله سبحانه وتعالى: {فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ} أي: في شك، وقيل: المراء: هو الجدال المشكك، وذلك أنه إذا جادل فيه، أداه إلى أن يرتاب في الآي المتشابهة منه، فيؤديه ذلك إلى الجحود، فسماه كفراً باسم ما يخشى من عاقبته إلا من عصمه الله. وتأوله بعضعهم على المراء في قراءته، وهو أن ينكر بعض القراءات المروية، وقد أنزل الله القرآن على سبعة أحرف، فتوعدهم بالكفر لينتهوا عن المراء فيها، والتكذيب بها، إذ كلها قرآن منزل يجب الإيمان به. وكان أبو العالية الرياحي إذا قرأ عنده إنسان لم يقل: ليس هو كذا، ولكن يقول: أما أنا فأقرأ هكذا، قال شعيب بن أبي الحبحاب: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: أرى صاحبك قد سمع أنه من كفر بحرف، فقد كفر بكله. وقيل: إنما جاء هذا في الجدال بالقرآن من الآي التي فيها ذكر القدر والوعيد، وما كان في معناهما على مذهب أهل الكلام والجدل، وفي معناه الحديث الأول دون ما كان منها في الأحكام، وأبواب الإباحة والتحريم، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تنازعوها فيما بينهم، وتحاجوا بها عند اختلافهم في الأحكام، قال الله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} .