تى لا يكون الحديث حجة للحنفية في قولهم، لأن أصحابنا استدلوا به على أن الأرض إذا أصابتها نجاسة، فجفت بالشمس أو بالهواء، فذهب أثرها، تطهر في حق الصلاة خلافاً للشافعي وأحمد وزفر، والدليل على ذلك أن أبا داود وضع لهذا الحديث: باب طهور الأرض إذا يبست، وأيضاً قوله:"فلم يكونوا يرشون شيئاً" إذ عدم الرش يدل على جفاف الأرض وطهارتها، ومن أكبر موانع تأويله أن قوله "في المسجد" ليس ظرفاً لقوله "تبول وما بعده كلها ... "، ويقال: الأوجه في هذا أن يقال: كان ذلك في ابتداء الإسلام على أصل الإباحة، ثم ورد الأمر بتكريم المسجد وتطهيره، وجعل الأبواب على المساجد.
وقال الحافظ في "الفتح" ١/٢٧٩: والأقرب أن يقال: إن ذلك كان في ابتداء الحال على أصل الإباحة، ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الأبواب عليها، ويشير إلى ذلك ما زاده الإسماعيلي في روايته من طريق ابن وهب في هذا الحديث عن ابن عمر، قال: كان عمر يقول بأعلى صوته: اجتنبوا اللغو في المسجد. قال ابن عمر: وقد كنت أبيت في المسجد عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكانت الكلاب ... فأشار إلى أن ذلك كان في الابتداء، ثم ورد الأمر بتكريم المسجد حتى من لغو الكلام.