للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الْعَرَبُ تَصِفُ بَاذِلَ الشَّيْءِ الْكَثِيرِ بِطُولِ الْيَدِ وَمُتَأَمِّلَ الشَّيْءِ الْكَثِيرِ بِطُولِ الْعُنُقِ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" يُرِيدُ أَطْوَلَهُمْ أَعْنَاقًا لِتَأَمُّلِ الثَّوَابِ١, كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنِسَائِهِ: "أَسْرَعُكُنَّ بِي لُحُوقًا أَطْوَلُكُنَّ يَدًا" فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَوَّلَ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحِقَتْ بِهِ وَكَانَتْ أكثرهن


١ في "شرح السنة" ٢/٢٧٧: قوله "أطول الناس أعناقاً" قال ابن الأعرابي: معناه أكثرهم أعمالاًً، يقال: لفلان عنق من الخير، أي: قطعة.
وقال غيره: أكثرهم رجاء، لأن من رجا شيئاً طال إليه عنقه. فالناس يكونون في الكرب، وهم في الروح يشرئبون أن يؤذن لهم في دخول الجنة. وقيل: معناه الدنو من الله عز وجل. وقيل: أراد أنه لا يلجمهم العرق، فإن الناس يوم القيامة يكونون في العرق بقدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه إلى كعبيه، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يأخذ إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق. وقيل: معناه أنهم يكونون رؤساً يومئذ، والعرب تصف السادة بطول العنق. وقيل: الأعناق: الجماعات، يقال: جاءني عنق من الناس، أي: جماعة، ومنه قول سبحانه وتعالى: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: الآية٤] أي: جماعاتهم، ولم يقل: خاضعات. ومعنى الحديث: أن جمع المؤذنين يكون أكثر، فإن من أجاب دعوته يكون معه. وروى بعضهم "إعناقاً" بكسر الهمزة، أي: إسراعاً إلى الجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>