للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=وأخرجه أحمد ٣/٢١ من طريق يزيد بن هارون، عن هشام، به. الزحضاء: هو عَرَقٌ يَغْسِلُ الجلد لكثرته، ويكون في أثر الحمى.
قال البغوي في "شرح السنة"٤١/٢٥٤: قولة "خضرة: الغضة الحسنةُ، يريد أن صورة الدنيا ومتاعها حسنة المنظر، تعجب الناظر، وكل شيء غض طري، فهو خضرة، وأصله من خضرة الشجر، ومنه قيل للرجل إذا مات شاباَ غضاً: قد اختضر، ويقال خذ هذا الشيء خضراً مضراً، فالخضر: الحسن الغض، والمضر إتباع، ويقال: خذه بلا ثمن، وقوله سبحانه وتعالى: {فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً} (الأنعام: ٩٩) أي: ورقاً أخضر، يقال: أخضر خضرٌ، كما يقال: أعور عور، وكل شيء ناعم، فهو خضر.
وقوله: "يقتل حبطاً" قال الأصمعي: الحبط: هو أن تأكل الدابة، فتكثر حتى تنتفتخ لذلك بطنها وتمرض، يقال منه: حبطت تحبط حبطاً، قال أبو عبيد: قوله "أو يلم" يعني يقرب من ذلك.
قال الأزهري: فيه مثلان، ضرب أحدهما للمفرط في جمع الدنيا ومنعها من حقها، وضرب الآخر للمقتصد في أخذها والانتفاع بها.
فأما قوله": وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً" فهو مثل للمفرط الذي يأخذها بغير حق، وذللك أن الربيع ينبت أحرار العشب، فتستكثر منها الماشية حتى تنتفخ بطونها لما قد جاوزت حد الاحتمال، فتنشق أمعاؤها, فتهلك، كذلك الذى بجمع الدنيا من غير حلها، ويمنع ذا الحق حقه، يهلك في الآخرة بدخول النار.
وأما مثل المقتصد، فقوله صلى الله عليه وسلم "ألا إن آكلة الخضرةٍ" وذلك أن الخضر ليست من أحرار البقول التي ينبتها الربيع، فتستكثر منها الماشية، ولكنها من كلإ الصيف التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول شيئاً فشيئاً من غير استكثار، فضرب مثلاً لمن يقتصد في أخذ الدنيا، ولا يحمله الخرص على أخذها بغير حقها، فهو ينجو من وبالها.
وقوله"استقبلت الشمس فا جترت وثلطت" أراد أنها إذا شبعت بركت مستقبلة الشمس تجتر وتستمرئ بذلك ما أكلت، فإذا ثلطت زال عنها الحبط، وإنما تحبط الماشية إذا كانت لا تثلط ولا تبول. قال الخطابي: وجعل ما يكون من ثلطها وبولها مثلاً لإخراج ما يكسبه من المال في الحقوق.
وفيه الحض على الاقتصاد في المال، والحث على الصدقة، وترك الإمساك للادخار.

<<  <  ج: ص:  >  >>