للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَدْ رَوَى شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَقَالَ فِي شَأْنِ الْعَبَّاسِ: "فَهِيَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَمِثْلُهَا مَعَهَا" (١) . وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ فِي لُغَتِهَا تَقُولُ: "عَلَيْهِ" بِمَعْنَى "لَهُ". قَالَ اللَّهُ: {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} (الرعد: من الآية٢٥) يُرِيدُ: عَلَيْهِمُ اللَّعْنَةُ. وَالْعَبَّاسُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَخَذُ الصَّدَقَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا لَا يَحِلُّ لَهُ أَخَذُ الصَّدَقَةِ الْفَرِيضَةِ، وَالْأُخْرَى: أَنَّهُ كَانَ مِنْ صِبَيَةِ بَنِي هَاشِمٍ، فَكَيْفَ يَتْرُكُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَتَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخَذُهَا، وَيَمْنَعُهَا مِنْ أَهْلِهَا مِنَ الْفُقَرَاءِ؟ وَقَدْ رَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ هَذَا الْخَبَرَ، وَقَالَ فِي شَأْنِ الْعَبَّاسِ: "فَهِيَ لَهُ وَمِثْلُهَا مَعَهَا" يُرِيدُ فَهِيَ لَهُ عليَّ كَمَا قال ورقاء بن عمر في خبره.


(١) هي رواية البخاري والنسائي. قال الحافظ: كذا في رواية شعيب، ولم يقل: ورقاء ولا موسى بن عقبة "صدقة"، فعلى الرواية الأولى يكون ألزمه بتضعيف صدقته، ليكون أرفع لقدره، وأنبه لذكره، وأنفى للذم عنه، فالمعنى: فهي صدقة ثابتة عليه سيصدق بها، ويُضيف إليها مثلها كرماً، ودلت رواية مسلم على أنه صلى الله عليه وسلم التزم بإخراج ذلك عنه لقوله"فهي عليّ"، وفيه تنبيه على سبب ذلك وهو قولُه"إن العم صنو الأب" تفضيلاً له وتشريفاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>