ومنها أن النفقة على قدر الكفاية، لأنه قال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". ومنها أن القاضي يقضي بعلم نفسه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكلّفها البيّنة فيما ادعته، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم عالماً بكونها في نكاح أبي سفيان، وفيه اختلاف بين أهل العلم ذكرته في كتاب القضاء. ومنها جوازُ القضاء على الغائب، وهو قول مالك والشافعي، وذهب جماعة إلى أن القضاء على الغائب لا يجوز، وهو قول شريح، وعمر بن عبد العزيز، وإليه ذهب ابن أبي ليلى، وأصحاب الرأي، وقال أبو عبيد: يجوز إذا تبيّن للحاكم أن المدّعى عليه استخفى فراراً من الحق، ومعاندة من الخصم، وجوّز أصحاب الرأي إذا كان له اتصال بالحاضر بأن ادَّعت المرأة على زوجها الغائب، وادعت له وديعة في يد حاضر، أو ادَّعت الشفعة على حاضر في شِقص اشتراهُ وبائعه غائبٌ. ومنها أن من له حق على غيره يمنعه إياه، فظفر من ماله بشيء، جاز أن يقتضي منه حقه، سواء كان من جنس حقه، أو لم يكن إياه ثم يبيع ما ليس من جنس حقه، فيستوفي حقه من ثمنه، وذلك أن معلوماً أن منزل الرجل الشحيح لا يجمع كل ما يحتاج إليه أهلُه وولده من النفقة والكسوة وسائر المرافق التي تلزمه لهم، ثم أطلق لها الإذن في أخذ كفايتها وكفاية أولادها، ولا يكون ذلك إلا بصرف غير جنس حقها في تحصيل ما هو من جنس حقها، وهذا قول الشافعي. وذهب قوم إلى أنه يأخذ من ماله جنس حقه حتى لو أدوعه دراهم وله على المودع مثلها، فله أخذها عن حقه، فإن جحد المودع ماله، له أن يجحد وديعته، فيمسكها عن حقه، وإن كانت الوديعة دنانير، فليس له أن يجحدها، وأن يأخذ منها حقه، وهو قول سفيان الثوري، وقال أصحاب الرأي: يأخذ أحد النقدين عن الآخر ولا يجوز الأخذ من جنس الآخر. ==