والقسم الثاني من التدليس: تدليس الشيوخ: وهو أن يأتي باسم الشيخ أو كنيته على خلاف المشهور تعمية لأمره، وتوعيراً للوقوف على حاله. قال الحافظ ابن كثير: ويختلف ذلك باختلاف المقاصد، فتارة يكره كما إذا كان أصغر سناً منه، أو نازل الرواية، ونحو ذلك، وتارة يحرم كما إذا كان غير ثقة، فدلسه لئلا يعرف حاله أو أوهم أنه رجل آخر من الثقات على وفق اسم وكبنيته. قال الحاكم في "علوم الحديث" ص "١١١": أهل الحجاز والحرمين ومصر والعوالي ليس التدليس من مذهبهم، وكذلك أهل خراسان والجبال وإصبهان وبلاد فارس وخوزستان وما وراء النهر لا يعلم أحد من أئمتهم دلس، وأكثر المحدثين تدليساً أهل الكوفة، ونفر يسير من أهل البصرة، فأما أهل بغداد، فلم يذكر عن أحد من أهلها التدليس إلا أبي بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي الواسطي، فهو أول من أحدث التدليس بها. وقد ألف الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي المتوفى سنة ٨٤١هـ رسالة التدليس والمدلسين طبعت في حلب، وكذلك الحافظ ابن حجر المتوفى سنة ٨٥٢هـ ألف رسالة طبعت في مصر، وللحافظ العلائي المتوفى سنة ٧٦١مبحث مطول في التدليس وأقسامه، والمدلسين وطبقاتهم في كتابه النفيس "جامع التحصيل" فانظره فيه من ص١١٠ إلى ص ١٤٢..