للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا نُصَلِّي إِلَّا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ فَاتَنَا الْوَقْتُ، قال: فما عنف واحد من الفريقين ١. [٥: ٣]


١إسناده صحيح على شرط الشيخين.
واخرجه البخاري "٩٤٦" في صلاة الخوف: باب صلاة الطالب والمطلوب راكباً وإيماء، "٤١١٩" في المغازي: باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، ومسلم "١٧٧٠" في الجهاد والسير: باب المبادرة بالغزو، والبيهقي ١٠/١١٩ من طريق عبد الله بن محمد بن أسماء بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" ٤/٧٤، والبيهقي في "دلائل النبوة" ٤/٦ من طريق مالك بن إسماعيل أبي غسان الهندي، عن جويرية بن أسماء به.
قال السهيلي في "الروضالأنف" ٣/ ٢٨١ - ٢٨٢: وفي هذا من الفقه أنه لايعاب على من أخذ بظاهر حديث أو آية "قلت: ولا على من استنبط النص معنى يخصصه" فقد صلت منهم طائفة قبل أن تغرب الشمس، وقالوا: لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم إخراج الصلاة عن وقتها، وإنما أراد الحث والإعجال، فما عنف أحداَ من الفريقين، وفي هذا دليل على أن كل مختلفين في الفرع من المجتهدين مصيب، وفي حكم داود وسليمان في الحرث أصل لهذا الأصل أيضاً، فإنه قال سبحانه: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماًً وَعِلْماً} ولا يستحيل أن يكون الشيء صواباً في حق إنساناً، وخطأ في حق غيرهن فيكون من احتهد في مسألة، فأداه ااجتهاده إلى التحليل مصيباً في استحلاله، وأخر اجتهد، فأداه اجتهاده ونظره إلى تحريمهان مصيباَ في تحريمها، وإنما المحال أن يحكم في المنازلة بحكمين متضادين في حق شخص واحد وإنما عسر فهم هذا الأصل على طائفتين: الظاهرية والمعتزلة، أما الظاهرية، فإنهم علقوا الاحكام بالنصوص، فاستحال عندهم أن يكون النص يأتي بحظر وإباحة معاَ إلا على وجه نسخ، وأما المعتزلة، فإنهم علقوا الأحكام بتقبيح العقل وتحسينه، فصار حسن الفعل عنده أو قبحه صفة عين، كما يستحيل ذلك في الألوان والأكوان وغيرهما من الصفات القائمة بالذوات.
وأما ما عدا هاتين الطائفتين من أرباب الحقائق، فليس الحظر والإباحة عندهم بصفات أعيان، وإنما هي صفات احكام، والحكم من الله تعالى بحكم بالحظر في النازلة على من أداه نظره واجتهاده إلى الحظر، وكذلك الإباحة والندب والإيجاب والكراهة كلها صفات أحكام، فكل مجتهد وافق اجتهاده وجهاً من التأويل، وكان عنده من أدوات الاجتهاد ما يترفع به عن حضيض التقليد إلى هضبة النظر، فهو مصيب في احتهاده، مصيب للحكم الذي يعبد به، وإن تعبد غيره في تلك النازلة بعينها يخلاف ما تعبد هو به، فلا يعد في ذلك مخطئاً إلا على من لا يعرف الحقائق، أو عدل به الهوى عن أوضح الطرئق.

<<  <  ج: ص:  >  >>