وقوله "إنما قال متعوذاً" أي: أنه لم يكن قاصداً بكلمة التوحيد الإيمان، بل كان غرضه التعوذ من القتل، وفي رواية الأعمش "أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا"، قال النووي في "شرح مسلم"٢/١٠٤: الفاعل في قوله "أقالها": هو القل، ومعناه أنك كلفت بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان، وأما القلب، فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه، فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان، وقال: "أفلا شققت عن قلبه لتنظر: هل قالها القلب واعتقدها وكانت فيه أم لم تكن فيه، بل جرت على اللسان فحسب، يعنى وأنت لست بقادر على هذا فاقتصر على اللسان فحسب ولا تطلب غيره. وفيه دليل على ترتب الأحاكم على الأسباب الظاهرة دون الباطنة. وقوله "حتى تمنيت أن لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم" يريد أن اسلامه كان ذلك اليوم، الإسلام يجب ماقبله، فتمنى أن يكون ذلك الوقت أول دخوله في الإسلام، ليأمن من جريرة تلك الفعلة، ولم يرد أنه تمنى أن لايكون مسلماً قبل ذلك، قال القرطبي: وفيه إشعار بأنه كان استصغر ما سبق له قبل ذلك من عمل صالح في مقابلة هذه الفعلة لما سمع من الإنكار الشديد، وإنما أورد ذلك على سبيل المبالغة، ويبين ذلك أن في بعض طرقه في رواية الأعمش "حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ". وكانت هذه القصة سبب حلف اسامة أن لا يقاتل مسلماً بعد ذلك، ومن ثم تخلف عن على في الجمل وصفين، وكان سعد بن أبي وقاص يقول: لا أقاتل مسلماً حتى يقاتله اسامة.