٢ إسناده هو إسناد سابقه، وأخرجه البخاري "٧٩" في العلم: باب من علم وعلّم، ومسلم "٢٢٨٢" في الفضائل: باب بيان مثل ما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الهدى والعلم، عن أبي كريب بالإسناد المذكور قبله، ومن طريق البخاري أخرجه البغوي في "شرح السنة" "١٣٥". وأخرجه أحمد ٤/٣٩٩، والنسائي في العلم من "الكبرى" كما في "التحفة" ٦/٤٣٩، والرامهرمزي في "الأمثال" ص٢٤، والبيهقي في "دلائل النبوة" ١/٣٦٨ من طرق عن أبي أسامة، به. قال النووي: أما معاني الحديث ومقصوده فهو تمثيل الهدى الذي جاء به صلى الله عليه وسلم بالغيث، ومعناه أن الأرض ثلاثة أنواع، وكذلك الناس، فالنوع الأول من الأرض ينتفع بالمطر فيحيا بعد أن كان ميتاً، وينبت الكلأ، فتنتفع بها الناس والدواب والزرع وغيرها، وكذا النوع الأول من الناس يبلغه الهدى والعلم، فيحفظه فيحيا قلبه، ويعمل به، ويعلمه غيره، فينتفع وينفع. والنوع الثاني من الأرض مالا تقبل الانتفاع في نفسها، لكن فيها فائدة وهي إمساك الماء لغيرها، فينتفع بها الناس والدواب، وكذا النوع الثاني من الناس لهم قلوب حافظة، لكن ليست لهم أفهام ثاقبة، ولا رسوخ لهم في العقل يستنبطون به المعاني والأحكام، وليس عندهم اجتهاد في الطاعة والعمل به، فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم، أهل للنفع والانتفاع، فيأخذه منهم فينتفع به، فهؤلاء نفعوا بما بلغهم. والنوع الثالث من الأرض: السباخ التي لا تنبت ونحوها، فهي لا تنتفع بالماء، ولا تمسكه لينتفع بها غيرها، وكذا النوع الثالث من الناس ليست لهم قلوب حافظة، ولا أفهام واعية، فإذا سمعوا العلم لا ينتفعون به، ولا يحفظونه لنفع غيرهم. والله أعلم "شرح مسلم" ١٥/ ٤٨.