للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: هَكَذَا أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ: سَعَفَ، وَإِنَّما هي بالشين١


=قال الخطابي في "العزلة" ص ١١: وأما عزلة الأبدان ومفارقة الجماعة التي هو العوام فإن من حكمها أن تكون تابعة للحاجة وجارية مع المصلحة، وذلك أن أعظم الفائدة في إجتماع الناس في المدن وتجاروهم في الأمصار إنما هو أن يتصافروا فيتعاونوا على المصالح، ويتآزروا فيها، إذ كانت مصالحهم لا تكمل إلا به، ومعاشهم لا تزكوا إلا عليه، فعلى الإنسان أن يتأمل حال نفسه فينظر في أية طبقة يقع منهم، وفي أية جنبة ينحاز من جملتهم، فإن كانت أحواله تقتضيه المقام بين ظهراني العامة لما يلزمه من إصلاح المهنة التي لا غنية له عنها، ولا يجد بداً من الإستعانة بهم فيها، ولا وجه لمفارقتهم في الدار ومباعدتهم في السكن والجوار، فإنه إذا فعل ذلك تضرر بوحدته، وأضر بمن وراءه من أهله وأسرته، وإن كانت نفسه بكلها مستقلة، وحاله في ذاته وذويه متماسكة، فالاختيار له في هذا الزمان اعتزال الناس، ومفارقة عوامهم، فإن السلامة في مجانبتهم، والراحة في التباعد منهم. ولسنا نريد – رحمك الله – بهذا العزلة التي نختارها مفارقة الناس في الجماعات والجمعات، وترك حقوقهم في العبادات وإفشاء السلام ورد التحيات، وما جري مجراها من وظائف الحقوق الواجبة لهم وصنائع السنن والعادات المستحسنة فيما بينهم.. إنما نريد بالعزلة ترك فضول الصحبة، ونبذ الزيادة منها، وحط العلاوة التي لا حاجة بك إليها، فإن من جري في صحبة الناس والاستكثار من معرفهم على ما يدعوا إليه شغف النفوس، وإلف العادات، وترك الاقتصاد فيها، والإقتصار الذي تدعوه الحاجة إليه، كان جديراً ألا يحمد غبه، وأن تستوخم عاقبته، وكان سبيله، في ذلك سبيل من يتناول الطعام في غير أوان جوعه.
١ شعف الجبال – بفتح الشين المعجمة والعين المهملة – جمع شعقة، كأكم وأكمة، وهي رؤوس الجبال. وجاء في رواية البخاري "٣٦٠٠": "شعف الجبال أو سعف الجبال" قال الحافظ في "الفتح" ٦/٦١٤: والتي=

<<  <  ج: ص:  >  >>