للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا، وَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً (١) مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ رَوَيْتُ مَعِي (٢) لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرُدَ أَسْفَلُهُ فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ، فَقُلْتُ: قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: «لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» ، فَلَمَّا دَنَا مِنَّا، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قِيدُ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، قُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ لَحِقَنَا، فَبَكَيْتُ، قَالَ: «مَا يُبْكِيكَ؟» ، قُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَيْكَ، فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ» ، قَالَ: فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا فَوَثَبَ عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَجِّينِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي، فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغَنَمِي فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ،


(١) الكُثْبة: بضم الكاف وسكون الثاء وفتح الباء، أي: قدر قدح، وقيل: حلبة خفيفة، وتُطلق على القليل من الماء واللبن، وعلى الجرعة تبقى في الاناء، وعلى القليل من الطعام والشراب وغيرهما من كل مجتمع.
(٢) في الأصل: ومعي، بزيادة الواو، والمثبت من موارد الحديث. ورويت: استقيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>