قال الحافظ في " الفتح " ٨/٥٨٣: هذا السياق صورته الإِرسال، لأن أسلم لم يدرك زمان هذه القصة، لكنه محمول على أنه سمع من عمر، بدليل قوله في أثنائه: قال عمر: فحركت بعيري، وقد جاء من طريق أخرى: سمعتُ عمر، أخرجه البزار من طريق محمد بن خالد بن عثمة عن مالك، ثم قال: لا نعلم رواه عن مالك هكذا إلا ابن عثمة، وابن غزوان، ورواية ابن غزوان أخرجها أحمد عنه، وأخرجه الدارقطني في " الغرائب " من طريق محمد بن حرب، ويزيد بن أبي حكيم، وإسحاق الحنيني، كلهم عن مالك على الاتصال. وقوله: "نزرت رسول الله" أي: ألححت عليه في المسألة إلحاحاً أدبك بسكوته عن جوابك، يقال: فلان لا يعطي حتى ينزر، أي: يلح عليه. قاله في "النهاية". وقوله: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ... } . قال ابن عباس وأنس والبراء: هو فتح الحديبية ووقوع الصلح، قال الحافظ: فإن الفتح لغة: فح المغلق، والصلح كان مغلقاً حتى فتحه الله، وكان من أسباب فتحه صدُّ المسلمين عن البيت، فكانت الصورة الظاهرة ضيماً للمسلمين والباطنة عزاً لهم، فإن الناس للأمن الذي وقع فيهم اختلط بعضهم ببعض مِنْ غير نكير، وأسمع المسلمون المشركين القرآن، وناظروهم على الإسلام جهرة آمنين، وكانوا قبل ذلك لا يتكلمون عندهم بذلك إلَاّ خفية، فظهر من كان يخفي إسلامه، فذل المشركون من حيث أرادوا العزة، وقهروا من حيث أرادوا الغلبة. وقيل: هو فتح مكة: نزلت مرجعه من الحديبية عِدَةً له بفتحها، وأتى به ماضياً لتحقق وقوعه، وفيه =